|
الإثنين، الموافق ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٤ ميلاديا

علي لطفي : الإحصاء العام للسكان والسكنى بالمغرب مسؤولية مجتمعية

العرب نيوز ( رؤوس – أقلام ) كتب علي لطفي في المنظمة الديمقراطية للشغل هذا المقال – لإحصاء العام للسكان والسكنى بالمغرب مسؤولية مجتمعية في الاستثمار في جمع البيانات الشاملة الشفافة والمنصفة لفهم المشاكل وتصميم الحلول وبناء سياسات قائمة على الادلة لمحو الفوارق الطبقية والمجالية ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومتطلبات الدولة الاجتماعية.

يعتبر الإحصاء العام للسكان والسكنى أحد أهم أركان المنظومة الاحصائية في العالم، باعتباره عملية تساهم في تحديث المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية والبيئة … من خلال إنتاج بيانات موثوقة، دقيقة وذات مصداقية، وفق مناهج وأسس علمية، للتحليل والمقارنة والقياس لتلبية حاجيات راسمي السياسات وصانعي القرارات. ويعتبر استعمال الاساليب الاحصائية القاعدة الرئيسية في بناء الخطط والتي يعتمد نجاحها ونجاح مشاريع التنمية بأنواعها على الجهود التي تبذل على هذه الخطط من حيث الاعداد والمتابعة والتقييم بالإضافة الى توفر معلومات وبيانات شاملة ودقيقة في شكل أرقام ومؤشرات إحصائية تعكس الصورة الواقعية للوضع الحالي، بالإضافة الى التوقعات والتقديرات للاحتياجات المستقبلية المتعلقة بمختلف الجوانب. أذ تعد البيانات والمعلومات الاحصائية العنصر الرئيسي في اي تخطيط تنموي، لان لا وجود للتنمية بدون تخطيط، ولا تخطيط بدون احصاء وعليه فان جهود الدولة للوصول الى التنمية لا يمكن ان تتحقق على ارض الواقع مالم تكون هنالك تطبيق حقيقي للإحصاء والاخذ بنتائج والتوفر على معلومات وبينات شاملة ودقية في شكل أرقام ومؤشرات إحصائية تعكس الصورة الواقعية للوضع الحالي، بالإضافة الى التوقعات والتقديرات للاحتياجات المستقبلية المتعلقة بمختلف الجوانب.

و لابد وان يتصف مصدرها بدرجة من الثقة والمصداقية والدقة. التي تساعد وتعين في صنع واتخاذ القرارات النهائية والتي تكون سليمة إلى حد كبير لأنها مبنية على الطريقة العلمية والمنهج العلمي كما تتطلب شراكة مجتمعية في العمل الإحصائي لإيجاد حلول علمية وعملية لمواجهة تحديات الحياة ،

واتخاد القرارات المستنيرة بشان السياسات والمحاسبة والمسائلة في اطار البناء الديمقراطي، وتكافئ الفرص ورصد وتنفيد الأهداف الإنمائية والعوامل والاتجاهات التي تؤثر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والشغل وتوزيع الدخل والفقر والحماية الاجتماعية. وحصول الجميع على الرعاية الصحية والتعليم والإسكان والصرف الصحي والمياه والغذاء والطاقة. والتخطيط للمستقبل حيث تًعد الإحصاءات ضرورة للتخطيط طويل المدى لمستقبل المدن والبلدان..

ونظرا لأهمية الإحصاء والسكان في التخطيط والتنمية السوسيو-اقتصادية للأمم، خصص المنتظم الدولي يوما عالميا للإحصاء، في العشرين من أكتوبر من كل سنة ، نظرا للدور الحاسم الذي تؤديه المعلومات الإحصائية الرسمية العالية الجودة في إجراء التحليلات. فضلا عن اتخاذ القرارات المستنيرة بشأن السياسة العامة دعما للتنمية المستدامة. كما خصص يوما عالميا للسكان، في 11 يوليوز من كل سنة ، لتسليط الأضواء على أهمية جمع البيانات السكانية الشاملة والشفافة والموثوقة وتحليلها واستخدامها للوصول الى احتياجات الناس والاستجابة لها بإحصاء الجميع في كل مكان، ورصد ا لنمو السكاني السريع في والشيخوخة السريعة ، وتغير المناخ والصراعات والأزمات في كل مكان بغية القضاء على أوجه انعدام المساواة، والفوارق الاجتماعية والمجالية والاستثمار في جمع البيانات لفهم المشاكل وتصميم الحلول ودفع عجلة التقدم من أجل التنمية المستدامة.

وقد أعلنت الأمم المتحدة عن وصول تعداد سكان العالم إلى 8 مليارات نسمة ويتوقّع تغيرات ديمغرافية كبيرة في التركيبة السكانية للعالم في الأعوام الثلاثين القادمة. و يُتوقّع أن يزيد البشر إلى ما يقرب من 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050. ويرى الخبراء ان تحديات أساسية تصاحب الزيادة السكانية التي ستمثّل ضغطًا متزايدًا على موارد الكوكب، خاصة في مجالي الطاقة والغذاء وقد تتسبّب في نفاد الموارد غير المتجددة للطاقة والغذاء ويتوقّع أن يقترب إجمالي من يعانون من مشكلات في توفير الغذاء إلى ما يقارب مليار نسمة ، بسبب الحروب والتحولات البيئة مما يتطل البحث عن موارد جديدة مثل: الزراعة الرأسية والمعملية، وإنتاج البروتينات من مصادر بديلة؛ مثل: الكائنات الدقيقة.

الإحصاء العام للسكان والسكنى بالمغرب مسؤولية مجتمعية في الاستثمار في جمع البيانات الشاملة الشفافة والمنصفة لفهم المشاكل وتصميم الحلول و بناء سياسات قائمة على الادلة لمحو الفوارق الطبقية والمجالية ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومتطلبات الدولة الاجتماعية.

ففي الفترة الممتدة ما بين فاتح شتنبر الى الثلاثين منه لسنة 2024 يدخل المغرب غمار تجربة جديدة في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى ، السابعة من نوعها ، وهو مسلح بخبرته الواسعة وما راكمه فيها من مكاسب على مستوى تجويد عمليات الإحصاء وتطوير النهج الاحصائي بمعايير علمية والتحول الرقمي واستعمال الوسائل التكنلوجية الحديثة في إنتاج احصائيات ومؤشرات يمكن الاعتماد عليها وموثوق في صحتها بنسب عالية ، سواء في الإحصاء العام للسكان والسكنى او البحث الوطني حول الاستهلاك ونفقات الأسر والبحث الوطني حول البنيات الاقتصادية لدى المقاولات و البحث الوطني حول القطاع غير المنظم والهجرة …وذلك من خلال الدور الهام الدي أنيط بالمندوبية السامية للتخطيط، كمؤسسة وطنية مستقلة ، تتحمل مسؤولية ومهمة تطوير وتعزيز المنظومة الإحصائية الوطنية ، وإنتاج بينات عالية الجودة وتوفير المعلومة الإحصائية وتحليلها وحفظها ووضعها رهن إشارة السلطات العمومية والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والباحثين والمجتمع المدني والعموم علاوة على .والقيام بالدراسات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وإعداد التوقعات الاقتصادية والسوسيو -ديموغرافية ،وتتبع تطور الظرفية الاقتصادية والمالية وظروف معيشة السكان ، فضلا عن المعطيات المتعلقة بالبنيات الديمغرافية مثل الخصوبة والأمية والتعليم والنشاط الاقتصادي والتنقل والإعاقة وظروف السكن وبعض الظواهر كاستفحال الفقر والبطالة والوفيات والهجرة والهدر المدرسي ومواضيع كالتغطية الاجتماعية والصحية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات و تلوت البيئة……وذلك من أجل استشراف السياسات العمومية في مختلف القطاعات والمساهمة في تقييمها. مع وتحليل ونشر المعلومة الإحصائية والاقتصادية والمالية والاجتماعية وتنسيق النظام الاحصائي الوطني والمساهمة في تطويره وملاءمته مع المعايير والقيم المعتمدة في هذا المجال من قبل المنظمات الدولية.

و تعتبر المندوبية السامية للتخطيط من ارقى وأفضل المؤسسات الإحصائية على المستوى العربي والافريقي و تعتمد على خبرة وتجربة وابتكار الأطر و الكفاءات الوطنية العاملة بالمندوبية السامية للتخطيط ، في البحوث الميدانية والبرمجة او معالجة أو تحليل البيانات والمعطيات ، و الاستخدام الأمثل للتكنولوجيات الرقمية الجديدة وأحدث الأساليب الإحصائية ،حيث تعتمد على الوسائل التكنولوجية الحديثة و هي التي تتحمل اليوم عبئ المسؤولية في إدارة وتدبير التجربة السابعة للإحصاء العام للسكان والسكنى في اطار استراتيجية منظمة بالاستعانة بأدوات علمية وأجهزة الكترونية حديثة لتسهيل عملية تجميع المعطيات لدى الأسر في المدن والبوادي والقرى النائية عبر فرق مشاركة من الأطر بشكل منظم وشفاف رغم بعض الصعوبات التي يصطدم بها الباحثون الاحصائيون ، لنشر النتائج في مدة زمنية قصيرة بانخراط عدة قطاعات عمومية وأجهزة أمنية وسلطات عمومية وخاصة وموظفين وعمال من مختلف القطاعات الوزارية والجماعات الترابية في هده العملية الوطنية الهامة لمستقبل المغرب لجمع معطيات وبنيات ومؤشرات تمكن من فهم التطور الديمغرافي والسوسيو – اقتصادي لبلادنا بشكل دقيق، واستشراف الاحتياجات المتغيرة لمواطنينا، وإعداد السياسات الملائمة لتسهيل انجاز تخطيط السياسات العمومية الملائمة للاحتياجات الفعلية للسكان. وفي هدا السياق ستكون مناسبة لتقييم نتائج تقرير الخمسينية الذي سينتهي في سنة 2025 ، وفي افق تقيم نتائج الأجندة الأممية 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والوفاء بالالتزامات الدولية واستكمال الأوراش التنموية ذات الصلة. وتقييم نتائج تعميم الحماية الاجتماعية ومحاربة الفوارق الطبقية والمجالية و الفقر والهشاشة ومعدل الخصوبة والزيادة المتوقّعة في تعداد السكان بالمغرب وارتفاع معدل المسنين و الشباب و النساء، وهو ما سيطرح تساؤلات واستفهامات كبرى حول الجدوى من استمرار برامج التخطيط العائلي للحفاظ على الموارد البشرية ؟، و المتطلبات الحقيقة للمسنين؟ ومتطلبات الصحة والتعليم والسكن اللائق؟ ومسالة نمو الهجرة الداخلية والخارجية واثارها ؟ مما سيتطلب طرح البدائل والحلول بشجاعة وشفافية بإرادة سياسية قوية لمواجهة تحديات تقليص فجوة الفوارق الطبقية التي كشفت عنها جائحة كوفيد 19 وحجم الفجوة الغدائية و الأمن الغذائي والمائي والطاقي، والاستعداد لمواجهة التغيرات المناخية واثار الجفاف المزمن والصدمات الاقتصادية الكلية لضمان الاستقرار والتمساك الاجتماعي بناء رؤية وتخطيط سليم مبني على معطيات ومؤشرات وأرقام دقيقة موثوقة تعكس الصورة الواقعية للوضع الحالي ، خاصة ان المغرب عانى من تضارب واختلاف كبيرين في الأرقام والمعطيات والبيانات لتي تقدمها الحكومة وتلك التي تعرضها مؤسسات رسمية، مثل بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس العلى للحسابات كمعدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع تكلفة سلة المعيشة والتشغيل و البطالة والفقر متعدد الأبعاد والسكن اللائق والحماية الاجتماعية والطبقة المتوسطة …، والتي تنعكس سلبا على مصداقية القرارات وفي صناعة السياسات العمومية و على واقع المواطن المغربي ، واكبر مثال على دلك المعايير والمعطيات التي تم استعمالها في السجل الاجتماعي الموحد لتقديم الدعم المباشر للأسر الفقيرة او “امو تضامن ” او العدالة الاجتماعية او السكن اللائق امام ارتفاع أسعار المواد الغدائية الواسعة الاستهلاك والخدمات بشكل غير مسبوق.

وفي هدا السياق لابد ان تطرح مجددا عدة أسئلة حول مستقبل المغرب وساكنته في عدة جوانب ديمغرافية واجتماعية واقتصادية وبيئية … حيث يمكن أن تؤدي الطفرة في تعداد السكان إلى زعزعة الاستقرار؟، أويمكن أن يصبح التعداد السكاني الذي يتقدم في السن سريعًا عبئًا على النمو الاقتصادي والميزانية العامة.؟ او العكس من دلك ضعف نسبة الشباب القادر على العمل ومتطلبات التنمية الاقتصادية ؟ او التحدي المتمثل في خلق عدد كبير من فرص العمل المنتجة، و توازن بين الأنظمة الاجتماعية بالمقارنة مع الحاجيات و متطلبات رفاهة المجتمع ومحاربة الفقر والهشاشة والفوارق الطبقية ، وتدني مستوى المعيشة للأفراد أو الأسر، بسبب انخفاض استهلاك الغذاء وتدني المستوى و الصحي والتعليمي والوضع السكني، وفقدان القدرة على مواجهة الحالات الصعبة كالمرض والإعاقة والبطالة والكوارث والأزمات.

لدلك فالمسؤولية جماعية ومشتركة في إنجاح هده العملية الوطنية الهامة والضرورية لامتلاك رؤية لرسم خطط المستقبل وتجاوز الاختلالات والنواقص و مواجهة تحديات العصر وبالتالي على الجميع المشاركة والمساهمة كل من موقعه في إنجاح المشروع المجتمعي ، و لابد من تضافر وتعاون جميع الجهات ، تعلق الأمر بالمؤسسات الحكومية التي لها دور أساسي و ذو أهمية كبيرة باعتبار أن الحكومة هي من تتولى عملية توفير الإمكانات اللازمة والضرورية وسن التشريعات والقوانين ذات الصلة وتشجيع الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والقطاع الخاص على التعبئة و الانخراط في هده العملية الوطنية الكبرى وتشجيع الأفراد والأسر لأداء دورهم المجتمعي وتعبئة وسائل الاعلام الوطنية العامة والخاصة لدورها الهام والفاعل في نشر الوعي بأهمية مسؤولية المجتمع في إنجاح هده العملية وأهدافها الإنسانية والمستقبلية وتنمية ثقافة المسؤولية المجتمعية وتجسيد روح التعاون والعمل بروح الفريق الواحد بجانب المجتمع المدني وأدواره الطلائعية في الدعم والمساندة للأطر التي تساهم في جمع المعلومات وتوجيهها وتسهيل مأموريتها وخلق بيئة امنة لإنجاح المشروع المجتمعي وعلى الأسر تقديم معطيات شاملة وصحيحة وتجنب كل ما من شانه افساد العملية ، وذلك بتوفير بيانات احصائية أكثر عمقا واستصدار أدلة ومؤشرات تتوائم مع الحاجيات بدء بالمؤسسات الوطنية والفاعلين السياسيين والنقابيين والاجتماعيين والاقتصاديين، والمجتمع المدني، والأسر المغربية والجاليات الأجنبية المقيمة بالمغرب. وبالتالي على الجميع تحفيز وتشجيع الباحثين الاحصائيين المشاركين في في عملية الإحصاء العام للسكان والسكن، اغلبهم موظفون من دوي التجربة والكفاءة ، باتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير تساعد في زيادة حماسهم وإقبالهم على أداء هذه المهمة بكفاءة عالية و يعزز شعورهم بالمسؤولية.

علما ان المندوبية السامية للتخطيط قامت بتوفير كل ما يحتاجه الباحثون الاحصائيون من أدوات تكنلوجية ومعلومات ودعم لوجستيكي لضمان تنفيذ مهمتهم بجودة وفعالية أكبر من خلال أوراش ودورات تدريبية تهدف إلى تطوير مهارات الباحثين الاحصائيين وتزويدهم بالمعرفة اللازمة لأداء مهامهم بشكل أفضل. وتعزيز الروح الجماعية و خلق جو من التعاون بين المشاركين، والحفاظ على قنوات تواصل مفتوحة مع إدارة العملية جهويا ومركزيا بالمندوبية السامية للتخطيط لتقديم الدعم الفوري وحل أي مشكلات قد تواجههم مما ينعكس إيجابًا على نتائج العملية.

ان هدا المشروع المجتمعي المتمثل في التوفر على بيانات ومعطيات ومؤشرات دقيقة وموثوقة يحتاج أيضا الى إرادة سياسية في تحسين فاعلية ومصداقية المؤسسات الحكومية، والتنسيق فيما بينها و الاستثمار في رأس المال البشري ونمو التوظيف لسد فجوة الفوارق الطبقية والمجالية وتوافر الحد الأدنى من المستلزمات الضرورية للحياة لضمان العيش الكريم لكافة المواطنين والمواطنات للمغاربة

#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “