الشيخ محمود علوان : خطبة الجمعة | محمد صلى الله عليه وسلم
العرب نيوز ( سدني – استراليا ) خطبة جمعة للشيخ محمود علوان الحسيني – إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستهديه ونشكرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شُرورِ أنفُسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضلَّ له ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلٰه إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ولا مَثيلَ له، ولا نِدَّ ولا ضِدّ له، أيَّنَ الأيْنَ فلا أيْنَ ولا مكانَ ولا جهَةَ له، وكيَّفَ الكَيْفَ فلا كيْفَ ولا شَكْلَ ولا صُورةَ ولا أَعضاءَ له، وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرَّةَ أعْيُننا محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلواتُ اللهِ وسلامُه على محمدٍ وعلى كلِّ رسولٍ أَرسلَه، صلواتُ اللهِ البرِّ الرحيمِ والملائكةِ المقرّبين والنبيِّين والصدّيقين، والشهداءِ والصالحين على سيّدِنا محمّدِ بنِ عبدِ الله خاتمِ النبيّين وسيّدِ المرسلينَ وإمامِ المتقينَ وحبيبِ ربِّ العالمين ما سَبَّحَ للهِ مِنْ شىء، الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا سيّدي يا عَلَمَ الهُدَى يا أبا الزهراءِ يا أبا القاسمِ يا محمّدُ، ضاقَتْ حيلتُنا وأنتَ وسيلتُنا أَدركْنا يا رسولَ الله بإذنِ الله.
أما بعدُ عبادَ الله فإني أُوصيكم ونَفْسي بتقوى اللهِ العليِّ العَظيم القائلِ في مُحكمِ كتابِه ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾. [سورة التوبة/ءاية 128]
إخوةَ الإيمانِ إنَّ كَلامَنا اليومَ عن قائِدِنا وسيِّدِنا وعظيمِنا وقرةِ أعينِنا، نبيِنا محمدٍ عليهِ الصلاةُ والسلامُ مَنْ قالَ عَنْهُ رَبُّه ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾.
محمدٌ تحنُّ إليه القُلوب.. محمدٌ تطيبُ به النُّفوس .. محمد تَقَرُّ بِهِ العُيُون .. محمدٌ تسيلُ لذكرهِ دموعُ العاشقين ..كيفَ لا.. كيفَ لا نشتاقُ إلى مَنْ بكَى الجمَلُ عندَ رُؤْيتِه، وَشَكَى إِلَيْهِ ثِقَلَ أحمالِه .. كَيفَ لا نَشتاقُ إلى مَنْ حَنَّ الجِذْعُ اليابِسُ لِفِراقِه .. كيف لا نشتاقُ إلى مَنْ أنَّ الجِذعُ أنِينَ الصبيِّ حَتى مسحَ عليهِ صلى الله عليه وسلم، فيا مَعشرَ المسلمينَ الخشبةُ تحِنُّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلمَ شَوقًا إلَى لقائِه فأَنتُم أحقُّ أن تشتاقُوا إليه صلى الله عليه وسلم. ولا تخْجَلْ أخِي المؤمن يا مُـحِبَّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ دُمُوعٍ بَدَتْ لِذِكْرِه صَلى الله عليه وسلم شَوقًا إليه.
يا مُحبِّـي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أوصافُه عليه الصلاةُ والسلامُ تحمِلُكَ على محبَّتِه، وشمائلُه تَدفَعُك لزيادةِ تَعظيمِه، وَمكارِمُ أَخْلاقِهِ دليلٌ عَلى عُلُوِّ شَأْنِهِ، حُسْنُ الـمُعاشَرَة، وَلِينُ الجانِب، وبَذْلُ المعروف، وَإِطْعامُ الطعام، وإفْشاءُ السّلام، وعِيادَةُ المريضِ، وتشْيِيْعُ الجنازة، وحُسنُ الجِوار، والعفوُ وَالإصلاحُ بينَ الناس، والجودُ والكَرمُ وكَظْمُ الغَيظِ والعفْوُ عَنِ النّاسِ، واجتنابُ ما حَرَّمَهُ الإِسلامُ كالغِيبَةِ والكذِبِ والْمَكْرِ والخديعَةِ والنميمةِ وسُوءِ الخُلُقِ والتّكبُّرِ والحقدِ والحسدِ والظُّلمِ وكلِّ ما هو مُنَفِّرٌ عن قَبُولِ الدَّعْوَةِ منهُ صَلى الله عليه وسلم.
فأَحْلَمُ النّاسِ محمد، وأشجَعُ الناسِ محمد، وأَعدَلُ الناسِ محمد، وأعَفُّ الناسِ محمد، وأسخَى الناسِ محمد، وأجْوَدُ الناسِ محمد، وأعقَلُ الناسِ محمد، وأشدُّ الناس حَياءً محمدٌ صَلى الله عليه وسلم.
كانَ صَلى الله عليه وسلم يخصِفُ نَعْلَه، ويرْقَعُ ثَوْبَهُ ويعمَلُ فى بَيتِه كَما يَعمَلُ أَحدُكم فى بَيْتِه، وكانَ صَلى الله عليه وسلم يَعْصِبُ الحَجَرَ علَى بَطْنِهِ مِنَ الجوعِ، وكانَ يأْكُلُ ما حَضَرَ ولا يَردُّ ما وَجَدَ، صَدَقَ اللهُ القائل ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. [سورة القلم/ءاية 4.]
وكانَ أَفْصَحَ النّاسِ مَنْطِقًا وأَحلاهُم كلامًا، فقَدْ كانَ كَلامُهُ فَصْلًا يَفهَمُهُ كلُّ مَنْ يَسْمَعُه، وَكان عَليه الصلاةُ والسلامُ جَهيرَ الصَّوْتِ أَحْسَنَ النّاسِ نَغْمَةً، قالَ البَراءُ رَضي الله عنه: “ما سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنه”، صلى الله عليه وسلم.
إخْوةَ الإيمانِ كانَ سيدُنا داودُ إذا سَبَّحَ اللهَ سَبَّحَتِ الجِبالُ والطَّيْرُ مَعَهُ لحُسْنِ صَوْتِهِ عَليه الصّلاة وَالسلام ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ، وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾.[ سورة سبأ/ءاية 10.]
وأُعطي سيّدُنا يُوسفُ نِصْفَ الجَمالِ الذي بَيْنَ البَشرِ فَكانَ شَدِيدَ الجَمال ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾. [سورة يوسف/ءاية 31.]
وأمّا مُحمدٌ صلّى الله عليه وسلم فقد قالَ: “ما بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا إِلا حَسَنَ الوَجْهِ حَسَنَ والْصَّوْتِ وَإنَّ نَبِيَّكُم أَحْسَنُهُم وَجْهًا وَأَحْسَنُهُم صَوْتًا” اهـ.
كانَ عليه الصلاةُ والسلامُ عَظيمَ اللّحيةِ مُقَوَّسَ الحاجِبَيْنِ دَقِيْقَهُما … أسْوَدَ العَينَيْنِ كَحيلَهُما … لَيس في بَدَنِهِ شَىءٌ يُعابُ بِه، مُعْتَدِلَ الخِلْقَة، عَرِيضَ الصَّدْرِ، عَظِيمَ الرأْسِ واسِعَ الجبين، مُرتفعَ أَعلَى الأَنْفِ، مُحْدَوْدِبَ الوَسَطِ مِنه، يَعْلُو أَوَّلَ أنفهِ نورٌ ساطِع، مُفَلَّجَ الأَسْنانِ، سَهْلَ الخَدَّيْنِ، أبْيَضَ الأسنان، ليسَ بِسَمِيْنٍ وَلا ناحلٍ بل مُعْتَدِلَ الخَلْقِ، واسِعَ الكَفِّ حِسًّا ومَعْنًى، سَريعَ هيئةِ المشي واسعَ الخُطوة.
الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا سيدي يا رسولَ الله ما أَجْمَلَ ذاتَك، وأَكْمَلَ صِفاتِكَ وأَعْظَمَ فَضْلَكَ عَلى أُمَّتِكَ، فِدَاكَ يا سَيِّدِي النَّفْسُ والمالُ والولدُ، وصلى الله عليكَ في الآخِرة والأُولى.
هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.
#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “