جمال صبحي القعقور : ملاحظات حول الضريبة على القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية
العرب نيوز( رؤوس – أقلام ) كتب جمال صبحي القعقور – تختلف الأنظمة والتشريعات الضريبيّة بين الدول نسبة لعدة عوامل منها الواقع والمقومات الاقتصادية لكل دولة والأهداف التي تضعها السلطات السياسية كنتيجة للسياسات الضريبية بالإضافة الى حجم المصاريف والانفاق ومتطلباته من إيرادات يجب تحقيقها لتجنب العجز في ميزان المدفوعات وأيضا لتحقيق النمو المرجو من هذه الإجراءات الضريبية وغيرها من الرسوم.
من المستغرب أن السلطات السياسيّة في بعض الدول وضعت أنظمة ضريبيّة على قياس أصحاب السلطة والمال المسيطرين على السلطة بدلا من وضع الأنظمة على قياس الوطن وحاجات المواطن، بحيث جنّبت نفسها من سداد الضرائب وأثقلت المواطن بها، كما وحرمته من ابسط مقومات العيش الكريم حيث الخدمات السيئة في قطاعات الماء والكهرباء والطرق وغيرها من الخدمات الضرورية، وفي ذلك تجاوز فاضح للعدالة التي أدت أيضا الى انهيار الاقتصاد وافلاس للدولة.
إن من أهم الأسس للنظام الضريبي الناجح هو الكفاية في الإنتاج للسلع والخدمات والعدالة في التوزيع للمجتمع، وهذا ما قامت وتقوم به المملكة العربيّة السعودية، التي ترجمت شعار الكفاية في الإنتاج من خلال تطوير حجم ونوع الخدمات والسلع المنتجة في المملكة ومن خلال الاعتماد على قطاعات جديدة ومنها قطاعي السياحة والخدمات الالكترونية التي شملت مكننة أنشطة القطاع العام، بالإضافة الى نمو كبير في القطاع الصناعي وقطاع البناء والعقارات، وجميعها حققت الرفاهية والحياة الكريمة للمجتمع في الكثير من المجالات وساهمت في نمو الاقتصاد بشكل كبير والذي أصبح يشكل حوالي 50 بالمئة من الناتج المحلي غير النفطي.
سأتناول هنا وبهدف تصويب وتطوير النظام الضريبي في المملكة بعض النقاط المتعلقة بنظام الضريبة على القيمة المضافة، على أمل أن أتناول لاحقا مواضيع أخرى تهدف الى المشاركة في تحسين بعض التشريعات الضريبيّة.
بتاريخ 01 نوفمبر 2021 باشرت هيئة الزكاة تنفيذ التعديل التشريعي لضريبة القيمة المضافة (المادة 20 من اللائحة التنفيذيّة) استجابة لطلب القطاع الخاص، بحيث أصبح استحقاق سداد الضريبة للعقود المبرمة مع الجهات الحكوميّة هو تاريخ إصدار أمر الدفع لمطالبة القطاع الخاص، وذلك لضمان استلام المورد للضريبة المستحقة قبل سدادها للهيئة ضمن اقراره. كما تم بسبب ذلك تعديل إقرار الضريبة المضافة بحيث يتم التصريح ضمن الإقرار عن إيرادات المكلّف ضمن الشهر أو الفصل الذي يلي مباشرة صدور أمر الدفع بدلا من التصريح عنها ضمن فترة اصدار الفاتورة.
إذا سنناقش هنا آليّة تنفيذ تعديل المادة 20 والآثار الناتجة عنها وعن طريقة التصريح عن الإيرادات ضمن تصريح ضريبة القيمة المضافة.
إن الأهداف التي سعت إليها هيئة الزكاة، يمكن تلخيصها بالآتي:
1- تطبيق العدالة الضريبيّة، حيث يعتبر القطاع الخاص وسيط بين الجهات الحكومية وهيئة الزكاة، فهو يحصّل الضريبة المضافة كوسيط من أجل تسديدها للهيئة، لأنها حق للزكاة، وبالتالي لا يمكن الطلب من القطاع الخاص تسديد هذه الضريبة للزكاة قبل تحصيلها من وزارة الماليّة، وأيضا كي لا تؤثر سلبا على حركة التدفقات النقدية خاصّته.
2- تبسيط إجراءات التصريح عن إيرادات المكلّف، كي تراقب هيئة الزكاة إجمالي الإيرادات المتعلقة فقط بالضريبة على القيمة المضافة المحصّلة أو التي صدرت بها أوامر دفع، والتأكد من أن المبالغ المصرح عنها صحيحة.
لكن التطبيق الذي يحصل لا يتماشى أو يحقق الأهداف التي سعت إليها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك عبر تعديل المادة 20.
تستند وزارة المال إلى بند قانوني يشير إلى حقها في صرف أوامر الدفع خلال مهلة 45 يوم من تاريخ صدورها، وبالتالي تتحرك الوزارة ضمن هذا الإطار وتسد أوامر الدفع ضمن هذه الفترة، وبذلك لا يتم تحقيق هدف المادة 20 وبالتحديد نص المادة التالي: “وذلك لضمان استلام المورد للضريبة المستحقة قبل سدادها للهيئة ضمن اقراره” لذا يضطر القطاع الخاص إلى سداد الضريبة التي صرّح عنها عند صدور أمر الدفع من أمواله الخاصّة، وهناك من لا يتمكن من تسديد الضريبة المضافة بسبب عدم تحصيلها بتاريخ صدور أمر الدفع، وبالتالي يتعرّض لغرامة شهريّة بنسبة 5 بالمئة على قيمة الضريبة.
إن التصريح عن الإيرادات نسبة إلى تواريخ أمر الدفع إجراء معقّد ولا يتناسب مع القواعد والإجراءات الماليّة والمحاسبيّة للشركات، وتؤثر سلبا على عملية الشركات التي تعتمد على معرفة حجم الإنتاج والنشاط على أساس تاريخ الفاتورة وليس تاريخ أمر الدفع، إضافة إلى صعوبة تدقيق السجلات ومطابقتها مع تصاريح الضريبة على القيمة المضافة سواء من قبل المدقق المالي الخاص أو المدقق المالي للجهة الحكوميّة.
لذا أقترح اتخاذ الإجراءات التالية من قبل هيئة الزكاة:
1- تعديل المادة 20 من اللائحة التنفيذيّة لضريبة القيمة المضافة والخاصة بتحديد تاريخ التوريد واستحقاق الضريبة بحيث يصبح استحقاق سداد الضريبة للعقود المبرمة مع الجهات الحكوميّة هو تاريخ قبض أمر الدفع من قبل القطاع الخاص بدلا من تاريخ أمر الدفع.
2- استحداث خانتين ضمن التصريح المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة:
• خانة تتعلق بالإيرادات من الجهات الحكومية التي لم يتم قبضها بعد ضمن الفصل أو الشهر نسبة تاريخ الفاتورة.
• خانة ثانية تتعلق بالإيرادات من الجهات الحكومية التي تم قبضها ضمن الفصل أو الشهر المصرّح عنه.
وهذا يتماشى مع قانونيّة عملية تسجيل الإيرادات في القطاع الخاص ويبسط عملية التدقيق من قبل جميع جهات التدقيق الخاصة والحكوميّة، كما يمكّن القطاع الخاص من تسديد الضريبة على القيمة المضافة لهيئة الزكاة ضمن الوقت المطلوب دون أيّة عوائق ماليّة، ويساهم في نجاح خطط التدفقات النقدية للقطاع الخاص ولهيئة الزكاة.
المصدر : صحيفة مال السعودية
#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “