سُقوط فنزويلا.. معقل إحتياطي النفط !

العرب نيوز ( رؤوس – أقلام ) بقلم رجل الأعمال والكاتب الكويتي علي النقي لطالما تصدّرت فنزويلا المراتب العُليا بين الدُول المُنتجة للنفط منذ إكتشافه مطلع القرن العشرين، وقُدّرت إحتياطاتها بأنها الأعلى في العالم (تملك ثُلث الإحتياطي العالمي)، وعُدّت كصاحبة أغنى إقتصاد في قارّة أمريكا الجنوبية، بل وقد بلغ نصيب الفرد من الناتج عام 1950 حوالي 7400 دولار (يُعادل 2240 دينار كويتي) في وضع يُشير إلى الرفاهية آنذاك، فضلاً عن إمتلاكها لثروات هامّة كالحديد والذهب والألماس وغيرها.
ولكن بسبب سوء الإدارة، واستشراء الفساد، وتبديد الثروات، وتهافت الأحزاب الحاكمة المتتالية على نهب عوائد النفط، وإبقاء حالة من القمع والظُلم وكبت الحريات وإبعاد الكفاءات، والتحالف مع الأنظمة الدينية الفاشية، وتوالي الإقتراض بهالة من الجشع، ومع فورة التضخم وتراجع أسعار النفط إنهارت البلاد وتحوّلت إلى إحدى أفقر دول العالم، وبات الشعب الفنزويلي يُعاني من الجُوع لعدم القُدرة حتى على شراء الطعام والدواء، وغياب الأمن والخدمات الأساسية، وأصبح منظر الأطفال من حديثي الولادة المتروكين في الشوارع والأزقّة شائعاً، وسقطت مناجم الذهب في أيدي الميليشيات، و هُتك سِتر العملة المحلية البوليفار ممّا أدى لإرتفاع أسعار السلع المستوردة، واضطر أكثر من 3 ملايين فنزويلي للهجرة منذ عام 2014، بل الأدهى والأكثر مرارةً وحسرة أن الرئيس نيكولاس مادورو إقترح صيغة “النفط مقابل اللّقاح” لتمكين بلاده من شراء اللقاحات المُضادّة لفيروس كورونا المُستجد ! .
واليوم لا جدوى من البكاء على اللّبَن المسكوب في فنزويلا فلن يعود إلى الكأس ثانيةً، أو البحث عن شمّاعة أميركا وأوروبا بأنهم وراء شن حرب إقتصادية لتعليق السُقوط عليهم، أو العيش في وَهم إعادة هيكلة الديون وانتظار أسهل الحلول عبر المُساعدات الخارجية والتسهيلات الإئتمانية، أو التفكير بالتنويع الإقتصادي وإصدار عُملة جديدة تحافظ على قيمتها، فقد أكلت “البرّاية” رأس قلم الرصاص!
مُخطئ من يرى التاريخ تَرَف فكري وقصصي! إنه قاعدة تأسيس لفهم الواقع، فمُعظم أحداث عصرنا الحالي وانهيار الدول إنعكاس لتقليد أعمىٰ مُتكرر لتاريخ سيء، وحُكومات فاسدة، وسُلوك سياسي واقتصادي وثقافي وأخلاقي مُنحرف أدّى لفقدان أعمدة وروح البقاء والصُّمود والإستمرار والتقدم.. فهل من مُتّعظ؟