لبنان الراقد على أمل القيامة
العرب نيوز ( رؤوس – أقلام ) بقلم الأب د. فادي الراعي – نقرأ يوميًّا “رقد على رجاء القيامة (فلان) أو (فلانة)”، نجدُ هذه العبارة على ورقة النعوة التي ننعي بها أحدًا مِن أقاربنا أو أصدقائنا أو أحبائنا… الذين انتقلوا من هذه الحياة وغادرونا تاركين آثارهم من أعمالٍ وأقوالٍ وبصماتٍ وذكرياتٍ… صالحة أو طالحة، نُقِشَت في أماكن تواجدهم حيثما كانوا.
وفي يومنا هذا، هناك الكثير الكثير من الأشخاص يَنعون وطنهم، وينعون وطننا الحبيب لبنان، سامعين يوميًّا عباراتٍ كثيرةٍ في الشوارع والصالونات والساحات: “مات لبنان”، “الله يرحم لبنان”، “يا ضيعانَك يا لبنان”، “يا حرام على لبنان”، “كان عنَّا أمل بلبنان”، “مات الوطن”… وغيرها من الأقاويل الشعبيَّة التي يردِّدها، مع الأسف، اللبنانيّ. إنَّه ليس من العَبَس أن نجد مَن يندُب لبنان لأنَّ هناك الكثير مِن اللبنانيين، قبل غيرهم، يريدون الموت للبنان ويتمنُّون ذواب لبنان في بلدٍ آخرٍ؛ وهناك الكثير الكثير مِن الذين دفنوا وطنهم ووطنيَّتهم وهُويتهم تحت تراب الوطن الذي لا ولن ولم يموت. “لبنان الراقد” هو لبنان النائم، هو لبنان الذي في حالة الألم واللاوعي، هو لبنان الذي في غيبوبة… فالرُقاد هو النوم العميق، هو الانتقال مِن إلى. لذا، لبنان الراقد هو لبنان النائم بسبب التعب أو الألم أو الغيبوبة. ولبنان الراقد النائم هو ذاك الوطن الذي تعِبَ من الحروب والاضطهادات والمشاكل والازمات والأوجاع والآلام وحمل الصليب… طيلة عقودٍ؛ وها هو يرقد اليوم والآن لبناننا الحبيب. فبين الأمل والرجاء اتصالٌ عميقٌ وهُوَّةٌ مرتبطة لأنَّ هناك علاقة أرضيَّة سماويَّة بينهما في آنٍ معًا. فالأمل هو رجاءٌ أرضيّ أي ما نتمنَّاه على هذه الارض وما نسعى إليه أرضيًّا. أمَّا الرجاءُ فهو أملُ عيش السعادة والفرح والحياة الدائمة الأبديَّة في السماء. فالأمل هو أرضيَّ، أمَّا الرجاء فهو سماويّ. ونحن الذين ما زلنا نعيش، اليوم، زمن “القيامة” أي “العبور”، قد انتقلنا مِن الموت إلى الحياة، مِن الظلمة إلى النور، مِن الألم إلى الفرح، من العبوديَّة إلى التحرُّر… أرى ونرى لبنان الراقد، اليوم، بعَين القيامة والحياة. فإذ هو ينهض، كما في سابقاته، نهضةً قياميَّةً جديدةً ملؤها الحياة والأمل لأبنائه. وهذه النهضة الجديدة هي أمل كلّ لبنانيّ يريد لبنان للبنان ويريدُ أن يقومَ لبنان بوطنيَّته ومواطنته الشخصيَّة؛ وهي أمل كلّ مواطن يعيش وطنيَّته ضمن وطنه لبنان. أملنا كبير جدًّا بوطننا لبنان، وأملنا أكبر بوطنيَّتِنا جميعًا نحن الذين نُقيمُ لبنان من رقاده المؤلِم لأنَّ الأمل هو نحن وليسوا هم؛ لأنَّ الوطن هو أنا، أنتَ، أنتِ، نحن وليسوا هم؛ لأنَّ الوطن هو لنا نحن أصحاب الضمير الوطنيّ وليس لهم هم.
نعم، أرقد بسلام يا لبنان لتقومَ بوطنيَّتي أنا وليس بوطنيَّتهم المزيَّفة واللاضميريَّة.