راجعي : أين الجميع
العرب نيوز ( رؤوس – أقلام ) بقلم عبد الباسط راجعي – حملت كتبي وبحثت عن مكان لأجلس فيه ، هناك العديد من المقاعد الشاغرة كلما أخطوا لأحدها يمنعونني وكأن بي مرضا معدي . لمحت واحدا بالقرب من فتى أشقر ، تقدمت بخطوات متثاقلة وجلست. انتبه لي ابتسمت له بلطف خلفه الكثير من اليأس وقليل من الأمل ، فجأة تبدلت ملامحه للإشمئزاز والنفور ثم نهض ينظر لي بفوقية ونفض نفسه وهو ينظم لأصدقائه مبتعدا عني .
حسنا في الحقيقة لم أتوقع أكثر من هذا ! هذا ما أناله يوميا من معاملة الناس لي بسبب ليس لي به دخل . ابن ميتم ومجهول نسب ، جعلني عرضة للتنمر باستمرار طوال حياتي الدراسية ، لم أحظى بأصدقاء كالباقي أو عائلة ! هذا الأخير من سابع المستحيلات بالنسبة لي ، حتى في أحلامي غير واردة .
كنت وحيدا جدا ، أكثر مما يتحمله قلبي ! بالرغم من أنني حاولت الإندماج معهم عدة مرات لكنهم دائما مايحكمون على كوني بلا والدين ، تعقدت نفسيا من هذا النبذ . أنا في حد ذاتي أردت إخبارهم أن روحي طيبة من الداخل أنا فقط أريد فرصة لإظهارها .
أرجوكم ! لا أمل .
استيقظت فجأة أشعر بالحمى والغثيان هرعت للحمام أستفرغ وأنا أمسك ببطني من شدة الألم ، فتحت عيناي على مصراعيها لأرى بركة من الدماء هي كل ما استفرغها !؟
سقطت على ركبتاي أقاوم التمزق داخل أحشائي ، أشعر بروحي تنسلخ مني أغمضت جفوني وكل مارأيته شريط حياتي البائسة يعاد أمامي : إنه إبن ميتم ، ذليل ، بائس ، لقيط ، السخرية والنفور …
ثقل رأسي وسقطت يداي حولي وسكنت كجثة هامدة .
ذنبه كان تناول جرعات دواء .