العلامة د. سليم علوان : يتحدث في خطبة الجمعة ” عذاب القبر “
العرب نيوز ( سدني – بنكستاون ) ام امين عام دار الفتوى العلامة د. سليم علوان المصلين في خطبة الجمعة 4 /6 / 2021 – في عذاب القبر
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستغفرُه ونستعينُه ونستهديْه ونشكرُه، ونعوذُ بالله مِن شرورِ أنفُسِنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهدِ اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِىَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ولا مَثِيْلَ ولا شَبِيْهَ ولا ضِدّ ولا نِدَّ له. وأشهدُ أنّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعيُنِنَا محمّدًا عبدُهُ ورسولُه، وصفيُّه وحبيبُه، مَن بعثَه اللهُ رحمةً للعالمينَ هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصحَ الأمّةَ، فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جزَى نبيًّا مِن أنبيائه، اللهم صلِّ على سيِّدِنا محمّدٍ وعلى ءالِهِ وأصحابِه الطيبين الطاهرين.
أما بعدُ عباد الله، فإنّى أُوصِى نفسِى وأوصيكم بتقوَى اللهِ العلِىِّ القديرِ، القائلِ في محكم كتابه: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَآئِزُونَ” ( سورة الحشر 18 – 20 ).
إخوةَ الإيمان، كلامُنا اليومَ عن حياةِ البَرْزَخِ وما فيها، يقولُ ربُّنا تباركَ وتعالى:” وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا” ( سورة طه ءاية 124 )، أي مَنْ أعْرَضَ عنِ الإيـمان بالله تعالى ” فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا “، أى ضَيِّقَةً في القبرِ كما فسَّرَها النبىُّ صلى الله عليه وسلم.
وَرَوَى الترمذيُّ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:” القبرُ رَوْضَةٌ مِن رِياضِ الجنةِ أو حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النار” اهـ.
وفي سُنَنِ النَّسائىِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللهُ عَنْهَا قالت: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ:” نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ” اهـ.
فَمِمَّا يَـجِبُ التَّصْدِيقُ به إخوةَ الإيـمانِ عذابُ القبرِ للكافرِ ولبعضِ عُصاةِ المسلمين، قال الإمامُ أبو حنيفةَ رضى الله عنه في الفقه الأكبر: وَضَغْطَةُ القَبْرِ وعذابُهُ حَقٌّ كائِنٌ للكُفَّارِ ولبعضِ عُصاةِ المسلمين اهـ. فلا يَـجوزُ إنكارُ عذابِ القبرِ بَلْ إنكارُه كفر.
وقال الإمامُ أبو مَنصورٍ البَغْدادِىُّ في كتابِ الفَرْقِ بينَ الفِرَق: وَقَطَعُوا – أَى أهلُ السُّنَّةِ والجماعَةِ- بِأَنَّ الـمُنْكِرِيْنَ لِعَذَابِ القَبْرِ يُعَذَّبُونَ في القَبْر اهـ أَىْ لِكُفْرِهِم.
وهذا العذابُ أيها الأحبةُ يَكُونُ بِالرُّوحِ والجَسَدِ، لكنَّ اللهَ يحجُبُهُ عن أبصارِ أكثرِ الناسِ، لِيَكُونَ إيـمانُ العبدِ إيمانًا بالغَيْبِ فَيَعْظُم ثوابُه. ويَدُلُّ على كَوْنِ العَذَابِ بالرُّوحِ والجَسَدِ مَا وَرَدَ عن سيِّدِنا عمرَ بنِ الخطّابِ رضى الله عنه أنَّهُ سألَ الحبيبَ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم:” أَتُرَدُّ علينا عُقُولُنا يا رسولَ الله ؟ فقالَ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ كَهَيْئَتِكُمُ اليَوْم “اهـ، قَالَ فَبِفِيْهِ الحَجَر، أَىْ سَكَتَ وانْقَطَعَ عَنِ الكلامِ لِسَمَاعِهِ الخبرَ الذى لم يَكُنْ يَعْرِفُه.
ومِنَ الأَدِلَّةِ على عذابِ القَبْرِ أيضًا قولُ اللهِ تباركَ وتعالى:” النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ” ( سورة غافر ءاية 46 )، والمرادُ بآلِ فِرْعَوْنَ أتباعُهُ الذين اتَّبَعُوه على الشِّرْكِ والكُفر، هؤلاءِ يُعْرَضُونَ على النَّارِ أوّلَ النَّهارِ مَرَّةً وءاخِرَ النهارِ مرة، فَيَمْتَلِؤُونَ رُعْبًا وَفَـزَعًا وَخَوْفًا، وهذا العَرْضُ ليس في الآخرةِ إنما قَبْلَ قيامِ الساعةِ كما يُفْهَمُ مِنَ الآيةِ، وليس قبلَ الموتِ كما هُوَ ظاهِرٌ، فَتَعَيَّنَ أنْ يَكُونَ في مُدَّةِ القَبْرِ في البَرْزَخِ وهي المدَّةُ ما بَيْنَ الموتِ والبَعْث.
إخوةَ الإيمان، روى الترمذيُّ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لِأُناسٍ:” فأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ المَوْتِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ يَوْمٌ إِلَّا تَكَلَّمَ فِيهِ فَيَقُولُ: أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَةِ، وَأَنَا بَيْتُ الْوَحْدَةِ، وَأَنَا بَيْتُ التُّرَابِ، وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ، فَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ – أىِ الكامِلُ- قَالَ لَهُ الْقَبْرُ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَحَبَّ مَنْ يَمْشِى عَلَى ظَهْرِى إِلَيَّ، فَإِذْ وُلِّيْتُكَ اليَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيْعِىَ بِكَ، قَالَ فَيَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ. وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ أوِ الْكافِرُ قَالَ لَهُ الْقَبْرُ: لا مَرْحَبًا ولا أَهْلًا، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَبْغَضَ مَنْ يَمْشِى عَلَى ظَهرِى إِلَيَّ، فَإِذْ وُلِّيْتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيعىَ بِكَ، قَالَ فَيَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَلْتَقِىَ عَلَيْهِ وَتَخْتَلِفَ أضْلاعُهُ ” قال أىِ الرَّاوِى، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصَابِعِهِ فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا فِى جَوْفِ بَعْضٍ قَالَ: وَيُقَيِّضُ اللهُ لَهُ سَبْعِينَ تِنّينًا لَوْ أنَّ وَاحِدًا مِنْهَا نَفَخَ فِي الأرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَيْئًا مَا بَقِيَتِ الدُّنيَا، فَيَنْهَشْنَهُ وَيَخْدِشْنَهُ حَتَّى يُفْضَىْ بِهِ إِلَى الحِسَابِ” اهـ.
فَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ إِخْوةَ الإيمانِ، ضَغْطَةُ القَبْر، يَقْتَرِبُ حَائِطَا القَبرِ مِنْ جَانِبَيْهِ حتى تَتَدَاخَلَ أَضْلَاعُه، أَضْلَاعُه التى عَنْ جَانِبِهِ الأَيْـمَنِ تَتَدَاخَلُ مَعَ أَضْلَاعِهِ التى عنِ الجانِبِ الأَيْسَر.
أَحِبَّتِى، مَنْ ذَا الذِي يَـحْتَمِلُ أَلَمَ الْتِوَاءٍ في أَحَدِ أَصَابِعِهِ، مَنْ ذَا الذِى يَـحْتَمِلُ أَلَمَ كَسْرٍ في اليَد، فَأَىُّ أَلَمٍ ذَاكَ حِيْنَ تَتَدَاخَلُ الأَضْلَاعُ بَعْضُها بِبَعْض. اللهمَّ أَجِرْنَا مِنْ عَذابِ القَبْرِ وَضَغْطَتِهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمين يا أرحمَ الراحمين يا أرحمَ الراحمين.
وَمِنْ عَذابِ القَبْرِ أَيْضًا الانْزِعَاجُ مِنْ ظُلْمَةِ القَبْرِ وَوَحْشَتِهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا ضَرْبُ مُنْكَرٍ وَنَكِيْرٍ لِلكافرِ بِـمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيْدٍ لَو ضُرِبَ بها جَبَلٌ لَذَابَ، يُضْرَبُ ضَرْبَةً فَيَصِيْحُ مِنَ الألمِ صَيْحةً يسمعُها مَنْ يَلِيْهِ إلا الثَّقَلَين، أىْ إلا الإنْسَ والجنَّ.
وَمِنْ عذابِ القَبْرِ أَيْضًا تَسْلِيْطُ الأَفَاعِى والعَقَاربِ وحشراتِ الأرض عليه، فَتَنْهَشُ وتأكُلُ مِنْ جَسَدِه، فَفِيْ الـمُسْتَدْرَكِ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه يُقَالُ للفاجِر:” اُرْقُدْ مَنْهُوشًا، فَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأرْضِ إِلَّا وَلَها في جَسَدِهِ نَصِيْب” اهـ.
وروى الطبرانُّى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:” وَيُسَلَّطُ عَلَيْهِ عَقَارِبُ وَثَعَابِينُ، لَوْ نَفَخَ أَحَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا مَا أَنْبَتَتْ شَيْئًا تَنْهَشُهُ وَتُؤْمَرُ الأَرْضُ فَتَضُمُّهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ” اهـ.
إخوةَ الإيمان، روى أبو داودَ في سُنَنِهِ عَنِ البَراءِ بْنِ عَازِبٍ رضِىَ الله عنه أنه قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسْولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فيِ جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنّـمَا عَلَى رُؤوسِنَا الطَّيْرُ، وَفِى يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بهِ الأرْضَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:” اِسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذابِ الْقَبْرِ، اِسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا” اهـ. وفي صحيحِ مسلمٍ عن أَبَى هُرَيْرَةَ رَضِىَ الله عنه أنه قال قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” عُوذُوا بِاللهِ مِنْ عَذابِ اللهِ، عُوذُوا بِاللهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ، عُوذوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، عُوذُوا بِاللهِ مِنُ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ” اهـ، فخافُوا اللهَ عبادَ اللهِ وَاتَّقُوه، واسْأَلُوا اللهَ بِـخَوْفٍ وَتَضَرُّعٍ في جَوْفِ الَّليلِ وفي سُجُودِكُم وعِنْدَ السَّحَرِ السَّلامَةَ مِنْ عَذابِ القَبر.
فَوَاعَجَبًا مِـمَّنْ أَيْقَنَ عَذَابَ القَبْرِ وَءَامَنَ بِهِ كَيْفَ يَـجْرُؤُ على أنْ يَعْصِىَ اللهَ خَالِقَهُ، ويُعَرِّضَ نَفْسَهُ لِسَخَطِ اللهِ وعِقَابهِ. اللهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ القَبْرِ ومِنْ عذابِ النار، ونعوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِـمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِك. هذا وأستغفر الله لى ولكم.
لسماع الخطبة انقر هنا
Dear brothers in Islam,
Ayah 46 of Surat Ghafir means: [Hellfire will be exposed to them early in the morning and late in the afternoon, and on the Day of Judgment, Allah will make the followers of Fir^awn (Pharaoh) enter the severest torture]. Also Ayah 124 of Surat Taha means: [And Whoever turns away from the correct belief in Allah and his Messenger, shall face a harsh distressing situation].
These two verses refer to the torture of the grave for the blasphemers. As for the sinful Muslims who committed enormous sins and died before repenting, some of them will be forgiven by Allah and thus they will not be tortured in their graves while others will be tortured in their grave then the torture will stop and the rest of the punishment they deserve will be delayed for them to the Hereafter.
We must believe in the torture of the grave for some people, because this is confirmed in the Qur’an, the hadith of the Prophet, and by consensus of the Muslims. As for the Qur’an, the previous two verses are enough to confirm this matter.
As for the hadiths of the Prophet, sallallahu ^alayhi wa sallam, concerning the torture of the grave, they are numerous, to a point that al-Hafidh as-Suyutiyy said, “The news of the torture of the grave is narrated by at-tawatur from the Prophet, sallallahu ^alayhi wa sallam”. This means that a large number of companions narrated the hadiths of the Prophet, sallallahu ^alayhi wa sallam, concerning the torture of the grave.
Also the whole nation agreed by consensus that the torture of the grave will take place for some people.
^Abdul Qahir Abu Mansur at-Tamimiyy said in his book ‘Al-Farqu Baynal-Firaq’, “The one who denies the torture of the grave will be tortured in his grave.” That is if he dies in this state.
When the non-believer dies, he would encounter the severe torture of Allah. The hardest situation a non-believer might encounter in this life would be nothing compared to the severe torture he receives after he dies. This is why the Prophet, sallallahu ^alayhi wa sallam, said: <>. This is so because after dying, the pious believer will have great enjoyment while the blasphemer will encounter continuous torture.
Al-Bukhariyy, Muslim, at-Tirmidhiyy, Abu Dawud and an-Nasa’iyy narrated from ^Abdullah Ibn ^Abbas that the Prophet, sallallahu ^alayhi wa sallam, once passed by two graves and said: <>. Then the Prophet, sallallahu ^alayhi wa sallam, asked for a green branch of a palm tree and he split it into two, then he stuck one in the first grave and the other in the second and said: <>.
Also it was narrated from the route of ^Abdullah Ibn ^Amr that the Prophet of Allah, sallallahu ^alayhi wa sallam, mentioned the two angels who test the people in the grave. Upon hearing this, ^Umar Ibn al-Khattab said, “O Messenger of Allah, do we get our minds back?” The Prophet said: <>. When ^Umar heard that, he fell silent out of shock.