التعليم في اليمن.. يقف على حافة الانهيار وحاضر يهدّد المستقبل
العرب نيوز ( صنعاء – اليمن ) تقرير لزميل هارون ابراهيم الواقدي – في اليمن لأطفال هم الفئة الأكثر تضررا بالحرب، ويكابد أولياء الأمور معاناةً كبيرةً في محاولة توفير احتياجات أبنائهم للمستلزمات المدرسيّة من أدوات قرطاسيّة، وملابس بالإضافة إلى الهمّ المتجدّد الدائم لهم وهو الكتاب المدرسيّ الذي وضمن القانون اليمنيّ للتّعليم لا بدّ من أن توفّره وزارة التعليم بشكل مجّانيّ، وعادةً ما تبوء هذه المحاولات بالفشل، يجد الطّالب نفسه تحت وطأة الظروف الاقتصاديّة التي ولّدتها الحرب مقودًا دون سابق إنذار للعمل، ومحاولة كسب المال لتوفير لقمة العيش في الوقت الذي كان يفترض به أن يتواجد بين معلّم وكتاب.
وفي وسط الأزمات والتعقيدات التي يواجهها التعليم في اليمن عموماً، تصل الأزمة ذروتها، في المناطق المتأثرة مباشرة بالمعارك، كما هو الحال في مناطق متفرقة بمحافظة الحديدة، حيث النزوح والأضرار المباشرة التي طالت المدارس وعموم البنية التحتية.
أماني منصور (13 عاماً)، نزحت مع أسرتها من إحدى ضواحي مدينة الحديدة إلى صنعاء، بعد أن تعرض منزلها لنيران مباشرة، وبسبب الظروف المعيشية وغير المستقرة لأسرتها، فإنها خسرت عاماً دراسياً، حيث لم يكن بمقدورها توفير الوثائق اللازمة الالتحاق بالمدرسة في منطقة النزوح، خلال العام الدراسي المنصرم.
ومع بدء العام الدراسي الجديد، تسعى أسرة أماني، لمواصلة تعليم ابنتها دون الذهاب إلى المدرسة بشكل منتظم. إذ عملت على تسجيلها في إحدى مدارس المدينة التي نزحت منها، على أن تكتفي بحضور الامتحانات الفصلية، بالاستفادة من تسهيلات تمنحها بعض المدارس للأسر المتضررة من الحرب.
(تسرب الطلاب من المدارس)
نتيجة لذلك، فقد أدى الوضع المزري في اليمن، بما في ذلك الصراع المستمر والكوارث الطبيعية وتفشي الأمراض، إلى خروج أكثر من مليوني طفل من المدرسة، كما أن 5.8 مليون طالب كانوا مسجلين في المدارس قبل جائحة كورونا، هم الآن عرضة لخطر التسرب”.
وفي نفس الصدد، أن المعلمين والموظفين يلعبون دوراً غاية في الأهمية، من خلال تقديم خدمات التعليم بشكل مستمر لكل طفل في اليمن، ومن المرجح أن يؤدي مزيد من التأخير في دفع رواتب المدرسين إلى الانهيار التام لقطاع التعليم والتأثير في ملايين الأطفال اليمنيين، خصوصاً الفئات الأكثر تهميشاً، وكذلك الفتيات.
ولعه من المفيد إن نؤكد.. “أن ترك الأطفال خارج المدرسة يعرضهم لخطر كبير، بسبب لجوئهم إلى خيارات مواجهة مسيئة، مثل عمالة الأطفال والتجنيد في الجماعات وزواج القاصرات والاتجار وغير ذلك من أشكال الاستغلال والإساءة”.
(تجنيد الأطفال كان له دور في تسرب الأطفال من مدارسهم)
حسب منظمة اليونيسف ذكرت أن المنظومة التعليمية في اليمن تأثرت بشكل كبير بسبب عدة عوامل، منها التوقف عن صرف رواتب الكوادر التعليمية العاملة في ثلاثة أرباع المدارس الحكومية منذ أكثر من عام، مما جعل تعليم قرابة 4.5 ملايين طالب على المحك. بريتشيل ريلاينو، ممثلة يونيسف باليمن، قالت في تعليقً لها على التقرير إن جيلا كاملا من الأطفال يواجه مستقبلا غامضا بسبب محدودية حصولهم على التعليم أو عدم توفره، “وحتى أولئك المنضمين للمدارس لا يحصلون على التعليم الجيد الذي يحتاجونه”. ودفع عدم توفر خدمات التعليم، إلى جانب الفقر المُدقع الذي تعاني منه الكثير من الأسر اليمنية، دفع هذا الأطفال إلى بدائل خطرة، منها الزواج المبكر وعمالة الأطفال وتجنيدهم في القتال على الجبهات.
(تحويل مدارس الحكومية إلى خاصة)
معلمون بلا رواتب مخصصة مدارس حكومية
في صنعاء ومحيطها من المحافظات التي تخضع لسيطرة سلطات أنصار الله (الحوثيين)، آخر خطواتها، أعلنت جماعة الحوثي طرح مشروع المدرسة المجتمعية، والتي حولت بموجبها بعض المدارس الحكومية إلى أشبه بمدارس خاصة، مثل مدرسة بلقيس للبنات، ومدرسة نشوان الحميري، وحددت رسوماً لإلحاق الطلاب فيها، تتراوح بين 100 و 50 دولاراً للطالب الواحد، في مختلف المراحل الأساسية والثانوي.
تحدث مصدر تربوي لـ”العرب نيوز”رفض الكشف عن هويته كونه غير مخول بالحديث إلى الإعلام، إنه في البداية شكّلت مجالس آباء في أغلب المدارس الحكومية، وبعضها فرض مبالغ رمزية تتراوح بين 800 و ريال يمني (الدولار يساوي 615 ريالاً)، من أجل تأمين بعض المتطلبات الضرورية، مثل توفير جزء يسير من رواتب المعلمين، ونفقات تشغيلية للمدرسة.
وأضاف ذلك إلى أن فكرة المدارس المجتمعية جاءت في ظل رغبة الآباء الحصول على جودة تعليمية، وأنهم لا يمانعون الدفع في مقابل ذلك، فتم تحديد بعض المدارس النموذجية للبدء فيها بهذه التجربة، وستقوم وزارة التربية بتقويم نجاح أو فشل تجربتها.
(المعلمون الأكثر تضرراً)
رغم الوضع المعيشي السيئ الذي يعانيه اليمنيين ككل، إلا أن المعلمين هم الشريحة الأكثر تضررًا في القطاع العام إثر توقف الرواتب، ما حدا بغالبية المعلمين إلى العزوف عن التعليم والذهاب للبحث عن أعمال أخرى شاقة لسد رمق جوعهم.
التربوي عبدالباسط الهميسع، (44 عاما)
حال المعلم “عبدالباسط” هو مثال لعشرات الآلاف من المعلمين خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، يعمل في التعليم ومنذ عام 2016 لا يتقاضى مرتبه الشهري الذي يبلغ 50 ألف ريال، فلجأ إلى الرصيف، حيث” ترك مهنة التدريس واتجه للعمل، لتوفير احتياجات أسرته
وأضاف .. ليس هناك أي دافع للاستمراري في مهنة التدريس، نحن أمام خيارات متعددة وكل الاحتمالات واردة، كنت نا وامدرسين نعتمد على الحوافز التي تقدمها منظمة اليونيسيف وهي خمسين دولار شهريا الا أن هذه الحوافز انقطعت منذ العام الدراسي السابق دون معرفة الاسباب، كما أن المكانة الاجتماعية والعلمية للمدرس انخفضت بشكل خطير كعدم احترام المدرس والنظر إإليه بنظرة دونوية، فمعظم المعونات التي يتلقاها المدرس هي صدقات السلال الغذائية من فاعليّ الخير، لقد تدنى مستوى احترام مهنة التدريس إلى نقطة الصفر.