امل حسني : مكانة المرأة في السلطة و صنع القرار السياسي
العرب نيوز ( روؤس – أقلام ) بقلم الزميلة امل حسني – رغم سلسلة الجهود المبذولة في قضايا المرأة ورغم الدور البارز التي تلعبه في المجتمعات العربية ورغم حالة النضج السياسي التي تعيشه المرأة لا تزال تواجه تحديات كثيرة على رأسها عدم المساواة والتمييز خاصة في المناصب القيادية و في صنع القرار السياسي .
وفي هذا الخصوص يشير قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2011 بشأن المشاركة السياسية للمرأة ، “بغض النظر عن منطقة العالم التي تقطن فيها ، تظل المرأة غائبة إلى حد كبير عن المجال السياسي ، غالبًا بسبب القوانين والممارسات والسلوكيات والقوالب النمطية التمييزية ضد المرأة، ولأنهم لديهم مستوى تعليمي منخفض، ولا يحصلون على الرعاية الصحية ، وهم أكثر تضررًا من الرجال من الفقر. »
المرأة و السلطة و صنع القرار السياسي
أقرت جميع الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية بمبدأ المساواة بين الرجال والنساء، وأكدت على ضرورة القضاء على التمييز بجميع أشكاله، وخصص مؤتمر بكين في سبتمبر 1995 مساحة معتبرة لمحور »وصول النساء للسلطة ومواقع صنع القرار«، ونص المؤتمر في بيانه على إجراءات عملية موجهة لجميع الأطراف المعنية سواء كانت الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة أو الحكومات أو منظمات المجتمع المدني.
يظهر ضعف مشاركة المرأة في ضعف تمثيلها في الهيئات السياسية داخل الدولة والحكومة والبرلمان والنقابات والأحزاب.
فيما تتنوع وتتعدد الأسباب الواقفة أمام تمكن المرأة من الحياة السياسية منها ما هو مرتبط بالمجتمع وعوائق أخرى مرتبطة بالهيئات السياسية داخل الدولة
فما هي أبرز التحديات التي تواجهها المرأة في تمكنها من الحياة السياسية ؟ والاليات المطروحة لتخطيها؟
العائق الثقافي-الاجتماعي
تؤثر الموروثات الاجتماعية التي تنتقل من جيل إلى آخر عن طريق التنشئة الاجتماعية على تكوين نظرة المجتمع لموقع المرأة فى الحياة السياسية.
فلا يزال جزء من المجتمعات العربية محافظ ينظر إلى المساواة بين الرجل والمرأة على أنه أمر مخالف للشرع والقيم. حيث تتعارض القيم الاجتماعية المحافظة السائدة عن مكانة المرأة فى المجتمع مع الإطار القانوني الرسمي في الدولة. كذلك لم يتمكن نظام الكوتا، الذي لعب دور مهم في زيادة التمثيل السياسي للنساء، من تغيير عالقات القوة فى المجتمع.
تصور السياسة على أنها مجال غير آمن للمرأة
ينظر البعض في العديد من البلدان العربية، إلى المجال السياسي عادة على أنه غير امن للمرأة يسوده الفساد العنف أحيانا . والفكرة السائدة أن المرأة التي تترشح أو تحاول الترشح للانتخابات كثيرا ما تواجه حملات تشهير تفوق كثير بحجمها الحملات التي يتعرض لها نظرائها من الرجال.
الهيمنة الذكورية على الأحزاب
يهيمن على الأحزاب السياسية في المنطقة العربية الرجال، وهم يحتفظون نتيجة ذلك بالقدرة على السيطرة على التعيينات للقوائم الانتخابية والمؤسسات الحزبية.
النظام الأبوي البطريركي
منذ فجر الحضارات العليا الأولى في التاريخ كانت المرأة ضحية المجتمع الأبوي /البطريركي- الذكوري الذي قنن قيم وأعراف وتقاليد جعلت المرأة أدنى من الرجل درجة
يعود مصطلح النظام الأبوي البطريركي
في أصوله إلى اللغة اليونانية ويعني حكم الأب أي هيمنته على العائلة والتسلط عليها بحيث يكون القرار بيد الذكر «البطريرك” فقط باعتباره رب البيت . البطريركي بنية اجتماعية وسيكولوجية متميزة ومتجذرة في العالم العربي تقوم على التسلط والخضوع اللاعقلاني التي تتعارض مع قيم الحداثة و المجتمع المدني
يقوم النظام الأبوي على هيمنة الذكر على الأنثى و استعباد المرأة واضطهادها ونفي وجودها الاجتماعي وذلك لأنه يسيطر على المرأة ويكون ذهنية ذكورية ذات نزعة تسلطية ترفض النقد والحوار وتعاقب كل من يخرج على هذا النظام الأبوي البطريركي.
النظام الذكوري
يقوم النظام الذكوري على سيطرة الرجال
و احتكار المسؤوليات واتخاذ القرار وعلى دونية النساء وعدم الاعتراف لهن بروح المبادرة ّ و إمكانية تولى المناصب السياسية. يقوم هذا النظام على تقسيم الأدوار بحيث ينحصر دور النساء في الأعمال المنزلية والوظائف التقليدية النسائية بينما يتولى الرجال القيام بكلّ الوظائف
الاجتماعية والسياسية
العائق المؤسّسي
أقرت معظم البلدان العربية للنساء الحقّ في الترشّح والانتخاب، إلا أنّ العديد من العقبات المؤسساتية ما زالت تمنع المرأة من الدخول إلى المعترك السياسي. التدابير المساندة مثل “الكوتا” شبه غائبة، والأحزاب السياسية تستبعد النساء عن لوائحها الانتخابية خشية أن تكسب أصواتا
العائق النفسي
تشير بعض الدراسات إلى أنّ الكثير من النساء لا يثقون بقدرتهم على العمل في الشأن العام ويخشون المشاركة في العمل السياسي والترشّح للانتخابات. فيما ينظر شق اخر من النساء إلى الحياة السياسة نظرة سلبية ويخشون من ممارستها
الآليات المعتمدة لتعزيز مشاركة المرأة العربية في الشأن العام والعمل السياسي
لا بد من توسيع نطاق مشاركة المرأة في الحياة السياسية لا سيما في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية وهذا أمر حيوي في توجيه عمليات الانتقال الشاملة والديمقراطية التي تستجيب لاحتياجات وأولويات النساء والفتيات. وتعزيز السياسات التي تراعي الفوارق بين الجنسين.
في هذا الخصوص تعمل برامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة حول القيادة والمشاركة على دعم وتعزيز الالتزامات الدولية لتمثيل المرأة. كما تؤيد اتفاقية القضاء على جميع أنواع التمييز.
يتبادر إلي الذهن البحث عن الآليات التي من شأنها أن تساعد على دعم وتعزيز المشاركة السياسية للمرأة والدخول في عالم السياسة وذلك باعتبار أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية تعتبر من أهم عوامل قوة الدولة
آلية القانون والتشريع
لابد من العمل على تعديل وتطوير التشريعات و القوانين المتناقضة مع المعاهدات الدولية فى ضوء المساواة بين الجنسين بهدف إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واستبداله بالتمييز الإيجابي لصالح المرأة. والتأكيد على النصوص
الخاصة بالكوتا أو تمكين المرأة سياسيا وهي أداة مهمة جداً من أدوات إحداث التغيير في وضع المرأة وتحقيق التطور المستهدف في مشاركتها في الحياة السياسية
التغلب على العوائق المؤسسية
المواءمة بين الصكوك الدولية والتشريعات الوطنية المتعلقة بحقوق المرأة، ما ينطوي على إصلاح إطار السياسات للوفاء بالالتزامات الدولية، فضلا عن الأطر الدستورية والقانونية، وضمان إنفاذ إطار السياسات. وينبغي أن تشمل هذه العملية رفع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتفعيل التزامات البلد على المستوى الوطني
إصلاح قوانين الأسرة والأحوال الشخصية ورفع ما يتبقى من قيود مفروضة بحكم القانون أو بحكم الواقع على إمكانية حصول المرأة على التعليم والعمل، أو على قدرتها على التنقل، وذلك بهدف إنشاء بيئة تمكينية لزيادة مشاركتها في الحياة السياسية
آليات تمكين المرأة ومواجهة الموروثات الاجتماعية
يشير مفهوم التمكين باعتباره استراتيجية تنمية القدرات وبناء الوعي وهو أحد أبرز الأسلحة المعتمدة في تحقيق المصلحة النسوية أو بالأحرى تحقيق الأهداف المرجوة في ما يتعلق بقضايا المرأة
وفي الستينيات من القرن الماضي ظهر مفهوم التمكين وارتبط بالحركة الاجتماعية المنادية بالحقوق المدنية والاجتماعية واستخدم المفهوم بعدة معاني وفي عدة مجالات الاقتصاد والعمل الاجتماعي والسياسي وكذلك في التنمية. بل أصبح يستخدم كبديل لمفهوم التنمية في دراسات وبحوث المرأة والشباب.
ويتمثل تمكين المرأة حقها في التعليم أحد أهم العوامل المساعدات والمهمة وأحد الأعمدة الرئيسية في مجال دعم وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية
كما أنه من الضروري العمل على تغيير القيم الثقافية والموروثات الاجتماعية التي تدعم وجود نظام سياسي سلطوي أبوي على المرأة، ونشر قيم ثقافية أخرى مغايرة لها تعطي للمرأة حريتها وحقها في المشاركة السياسية الفعالة في المجتمع.
نشر وتثبيت ثقافة الديمقراطية
العمل على نشر وتثبيت ثقافة الديمقراطية، فيمكننا القول أن الديمقراطية وتحقيق المساواة بين الجنسين أي تمكين المرأة هما وجهان لعملة واحدة، فكلما ازدادت نسبة الديمقراطية ازدادت مشاركة المرأة الحياة السياسية ومشاركتها تعد عنصراً أساسية للديمقراطية كما أن نسب مشاركة المرأة في الحياة السياسية في الدول يقدم صورةً نوعية لثقافة الديمقراطية
بين العوائق الكثيرة أمام التمثيل السياسي للمرأة، و الوعود التي رافقت الانتفاضات العربية بتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة تبقى مسألة النهوض بحق المرأة العربية في الحياة السياسية خيار يواجه العديد من الإشكاليات وينتظر طرحاً جديا على طاولة المفاوضات البرلمانية
#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “