علي لاغا : ابن المقفع ومكيافلي في صدارة الأحداث والتحكم باضطرادها
العرب نيوز( روؤس – أقلام ) بقلم د. علي لاغا – كم يتم تبسيط فكر من سبق وعدم الإفادة مما تركوه من كنوز فكرية وخبرات تحتاجها البشرية في واقع حضورها على مسرح الحياة .
إن ابن المقفع الذي ترجم كليلة ودمنة من الهندية للعربية وراج الكتاب لما فيه من سرد لأحداث على لسان الحيوانات تبين كيف تمكن الثعلب من الإيقاع بين مستشاري الملك : الأسد والثور الأبيض ثم الأسود الذي استنتج أنه أُكُلَ يوم أكل الثور الأبيض ، والمهم كيف أقنع الأسد بأن الثور سيهاجمه والدور نفسه أداه مع الثور .
ومكيافلي تمكن من تصوير الشق الشرير عند البشر ( الناس خبثاء ) و ( إذا ساعدت غيرك ساعدته عليك ) (وإذا أردت تهجير سكان مدينة بدون قتال أسكن جاليات موالية لك على تخومها ) ونصح الأمير بتسليم الأرض التي يحتلها إلى أقلية وعدم السماح لها بالتوافق مع الأكثرية كي تبقى محتاجة له دائماً وعليه الاستعانة في بث عيونه بعناصر من غير أهل الفضل .
تذكر صاحبي كليلة ودمنة وكتاب الأمير عندما قرأ لعدد من الفلسطينيين لومهم للعرب الذين لم يحركوا ساكناً وغزة تُقصف والمحتل يعربد.
إن العربي الذي يوجه له اللوم والتخوين … يجد في الصواريخ والمسيرات والحروب التي لاتتوقف عن حواضره منذ مايقرب من خمسة عقود أشد ضراوة وعنفاً ولا تدع له فرصة ليفكر برد ظلم عن أشقاء له في مكان آخر أقنعه مخرجو الأحداث أنه شريك مع من يشن عليه تلك الحرب، والموت هو الموت ، والدمار هو الدمار …
إن لكل أحاسيسه ومشاعره ، والعدو هو الذي يقتل ويدمر ، عندها عادت الذكرى بصاحبي لسنين خلت :
في العام ١٩٧٦ م إبان فتنة حرب لبنان ، بداية تدحرج حرب الألف سنة كما تخيلها شيمون شيفر ، صحفي من محتلي فلسطين ، حصل اشتباك مع قرية كنا نسعى لتحييدها ( د. ن)،فسأل أحد قيادة المحاور : لماذا هذا الاشتباك هناك ؟ أجاب لتحترق كل البيوت كما احترقت بيوتنا ( بتصرف) ، هكذا عبر عما يجيش في نفسه ، لا يشفق على من تحل به المصيبة لأنه هو أيضاً مصاب .
وفي تلك الفترة التي اندلعت الفتن في لبنان تم تصوير المسلمين في لبنان يساريين يريدون تسليم البلاد لغير أهلها ، هذا في الداخل ، وفي البعد الخليجي أيضاً أنهم مع اليسار ، وبالتالي مع أعدائهم ، فاشتدت الحرب في الداخل ، وتم التخلي من الخارج ، هنا دور كليلة ودمنة .
لقد ذكر سماحة مفتي طرابلس الشمال طه الصابونجي ( رحمه الله )لصاحبي أن دول الخليج لم تكن ترغب باستقبال غير الإسلاميين للعمل عندهم ( ضد الشيوعيين ) حرصاً على سلامة مجتمعهم ، فقام خصوم الإسلاميين باحداث تفجيرات وترك أثار تشير إلى أن الفاعل إسلامي وهكذا تغير مزاج الخليج ولم يعد يرغب بوجودهم ، لكن صاحبي يعلم أن بعض من ادعى أنه إسلامي ، قد يكون مزروعاً أو غير سوي ، كان يطلق خطابات وتصاريح أسست لتفكك عرى المجتمع فيما بعد ( كليلة ودمنة ).
وفي العام ١٩٨٥ ، في حمأة الحرب الإيرانية – العراقية ، حدثت في طرابلس حرب طاحنة ، فهم أن الخليج غض النظر عن طرابلس التي تم تصويرها أنها انحازت لإيران ضد العرب ، سبب ذلك ظهور حركة التوحيد الإسلامي وسيطرتها على بقية ميليشات المدينة ، التقى أحد الفاعلين في طرابلس (م. ع . ض)، لاعلاقة له بالعنف ، بولي عهد إحدى الدول ( س.ع )التي تُشفق على لبنان وتساعده ، وسأله عن السبب الذي دعاهم للتخلي عن طرابلس ( بالدعم السياسي ) أجابه ولي العهد : عندما كانت طرابلس طرابلس كان لها غطاء لكن عندما أصبحت إيرانية فلا غطاء لها ( بتصرف )( كليلة ودمنة )
وما تركه مكيافلي في كتابه الأمير تجده في كل ثورة وثوار وعنف وتسليم أقلية حكم وتوريطها بحرب مع شركائهم في البلاد تحت مسميات وشعارات جذابة تلهب المشاعر ، القدس وفلسطين ، الحكم الإسلامي ، الديمقراطية ، العدالة ، الحكم المدني ، حل الأزمات الاقتصادية ( مثلها كمثل الغيوم الخلبية التي لا مطر فيها ) أو ( حكي بحكي ) الثابت فيها دمار وخراب وفتح الأبواب مشرعة لكل طامع والفوضى لكل مهووس …
عودة لسبب استعادة دكرى أحداث مضت :
لاحل ولا أمل باستقرار واستعادة حقوق مسلوبة وتشابك أيدي الأشقاء إلا ب:
إيقاف جولات العنف وسحب الشعارات غير المتعلقة فعلاً بما تعلن
عدم مباركة كل من يتسبب بظلم إن كان حاكماً ومع جماهير لاتعرف من يسيرها وإلى أين يأخذها
عدم التعاون مع أي دولة أو تنظيم يحرض على صراع الأديان والمذاهب والعرقيات والقوميات.
عدم الطلب من الآخر أن يتعاطف معك إلا كما تتعاطف أنت معه أيضاً
جعل النص القانوني هو الأصل والالتزام بتطبيقه ولا يغير أو يبدل ويتطور إلا في المجلس التشريعي ( شرط ان يكون أعضاؤه مؤهلين للتشريع )
والقضية التي يجب أن تكون جامعاً مشتركاً القدس وحقوق الشعب الفلسطيني والوقوف صفاً واحداً في وجه أي اعتداء خارجي ولو من دولة لأخرى شقيقة
“وأخيراً : يقول صلى الله عليه وآله وسلم : “لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحبه لنفسه
#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “