ويزة ڨلاز : ميلاد جمعية جديدة تهتم بجرد وصون التراث الثقافي غير المادي بالجزائر .
العرب نيوز ( التراث الثقافي بالجزائر ) أستاذة ويزة ڨلاز – كل الشعوب قلقة على تراثها ومهتمة بحمايته بجعله يدوم أكثر ما يكن، شهور أو سنوات أو قرون وقد طرح سـؤال وفرض نفسه بين الحربين العالميتين، “كيف يمكن حماية التراث؟” ثم صار هذا السؤال حقيقة جالية بعد الحرب العالية الثانية وصارت الدول أكثر اهتمام بكيفيات الصون.
لكن لم تتفق على آليات ثابتة حتى 1971 بإنجاز اتفاقية لصون التراث المادي و2003 باتفاقية صون التراث اللامادي أو غير المادي وهناك من يفضل عبارة “التراث الثقافي الغيرمادي”، ترجمة تقترب من العبارة الأصل الانجليزية Intangible cultural heritage وهي أوفى وأصدق من الترجمة الفرنسية Patrimoine culturel immatériel، فكلمة تراث أو موروث مشتقة من “ميراث” نفس عبارة “heritage”.
فبدأت الدول التي صادقت على الاتفاقية، والجزائر أولهم، تهتم بكيفيات جمع التراث وتشجع المجتمع المدني للإدلاء بمعارفه من أجل صون التراث ومعرفة ما كان عليه القدماء والعودة بقدر الإمكان إلى هذه العادات الطيبة التي حافظ عليه هؤلاء “الكنوز الحية”.
العديد من الجمعيات تهتم بظاهرة من ظواهر التراث “الطهي” و”الخياطة” و”البوقالات” و”عادات يناير” والأعراس”.
بينما تهتم الدولة بالمهام الكبرى كتسجيل العناصر المعرضة للخطر والمهددة بالاندثار، على مثال “كيالين الماء”.
إلا أن العناصر المهددة متعددة ومن مهمة الجمعيات أن تتعرف عليها من حيث الموقع الجغرافي ومدى استعمالها وأهميتها، وعلاقتها بالتنمية المستدامة ومكانتها تاريخية والبيئية والإنسانية المحلية أو العالمية أو الكونية.
كل هذه العبارات الغامضة التي تحوم حول التراث رغم وضوحه تحتاج إلى خبراء تكونوا لدى الهيئات العليا مثل اليونسكو، ليبسطوا العمل على الجمعيات التي تهتم بالتراث والطلبة الجامعيين الراغبين في الاهتمام بالتراث وحتى على من يريد أن يشتغل في التراث بالإنشاء مؤسسات ناشئة start-up.
لهذه الأسباب وغيرها جاءت “جمعية المائدة الكبيرة” لصون التراث الثقافي اللامادي، تترأسها د. ويزة ﭬـلاز أستاذة جامعية في الفلسفة وخبيرة في التراث وميسرة مكونة للمجتمع المدني منذ أكثر من 20 سنة.
وتضم الجمعية ثلة من ألمع خبراء البلاد من أساتذة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وأصحاب الحرف من نجوم الطبخ والخياطة، لا أذكرهم لكثرة عددهم.
ستهتم الجمعية بآليات جمع التراث الثقافي غير المادي والتراث غير المادي يتكون من مُجْمَل العادات الشفاهية والتقاليد والإحتفاليات والمعارف والمهارات التي ورَّثَـها لنا القـدماء، والتي لازالت تُمارس بدرجات متفاوتة الأهمية .
ويعني التراث الثقافي غير المادي المختصر في رمز (PCI) كل ما يتضمن غِنىً ومعنى: نجد فيـه جميع التقاليد الشـفاهية والأدبية كالأساطير والروايات التاريخية والقصص الخيالية والأمثال الشـعبية. كما نعد فيه كل من التراث الثقافي الموسيقي والأغاني والألعاب الرياضية التقليدية والممارسـات الاجتماعية (الطقوس الدينية، فنون الطهي، خصوصيات اللباس…)” وكل المهارات التي تترجم أعمال الصناعات التقليدية والممارسـات المرتبطة بالكون كالفلاحة وأعمال البحر .
لقد حددت منظمة اليونسكو خمسة (5) ميادين كبرى لتسهيل تصنـيف التراث، وهي مبنية على أسُـسٍ ذات أهمية قصـوى لا يمكن اختزالها نجمعها في النقاط التالية:
• اللغة المحلية هي حامل وأصل التراث الثقافي غير المادي وهي الوعاء الأساسي الذي يجب أن يتحرك عبره بُـعْـدُ حماية التـراث والمحافظة علـيه.
• يُحـفظ التراث في المكان الذي يكون فيه، مع أهاليه الأصليين. نحن من يتوجب علينا الاتجاه نحوه، وتعتبر المجموعات المحلية هي المقرِر الوحيد عما يؤسـس تراثها.
• التراث حي وحيوي، لا يتجمد ولا يقبل أن يوضع في المتاحف.
قد يصعب حصر ما هو غير مادي إذا كان كل شيء يتجلى في الماديات، ودقة التمييز بين الثقافي والطبيعي في الحياة اليومية من أهل الاختصاص فوادي إهرير الواقع في التاسيلي الناجر الغني برسوماته ونقوشـه الصخرية الموجودة في قلب الكهوف، التي يزيد عمرها عن 5000 سنة، قد تم تصنيفه تراثا عالميا عام 1982، وأصبح محمية حيوية سـنة 1986، ثم اعتُـبِرَ “منطقة طبيعية رطبة ذات مصلحة عالمية” في 2001. هذا الوادي المنخفض يعبره الرحالة باسـتمرار ويمكث فيه شبه-الرحالة قرابة سـتة (6) أشهر في السنة، يصعب التمييز فيه بين آبار المياه التي تتناقص فيها الرطوبة شـيئا فشـيئا ويهددها الجفاف باسـتمرار، والأدوات التي تسـتعمل لاسـتخراج هذه المياه من جوف الأرض، والحياة اليومية لهؤلاء الرجال والنساء الذين يصنعون هـذه الأدوات والذين يعيشـون بعيدين عن مظاهر التحضر والرفاهية.
لتيسير هذا النوع من الصعوبة حددت “جمعية المائدة الكبيرة” أهدافها فيما يلي:
– جمع التراث الثقافي غير المادي عن طريق لقاءات محلية
– جرد معارف المسنين حاملي التراث وتدوينها
– الترويج بالتراث الجزائري
– التعرف بعادات الاجتماعية المحلية
– تحفيز الشباب للاهتمام بالتراث
– المساهمة في الأنشطة الثقافية والعلمية حول التراث
تأمل الجمعية أن تلقى استقبال من طرف الأعيان وباقي المجتمع المدني وأن تكون حجرا صغيرا يساهم في بناء بيت التراث.
ولبيت التراث معنيين: معنى رمزي نفصد به مجموع العناصر التي تكوّن التراث، ومعنى حقيقي لأن التراث يحتاج إلى بيت في كل ولاية وفي كل بلدية بل في كل حي وقرية يقصده من يشتغل في التراث من الخبراء ويلجأ إليه كل صناع التراث جمعيات كانت أو أشخاص.
إن التراث في خطر، وهو يحتاج إلى مكان يجمع بين الأجيال، مكان يمكن للصغار أن يتعلموا فيه عن الكبار ويلتجئ إليه الكبار هاربين من خطر الوحدة والنسيان.
لمحة عن الأستاذة :
ويزة ﭬلاز، أستاذة جامعية، تخصص فلسفة , خبيرة في المجتمع المدني , وخبيرة تابعة لشبكة الميسرين في التراث، لليونسكو .
#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “