|
الخميس، الموافق ١٢ سبتمبر ٢٠٢٤ ميلاديا

العرب نيوز (رؤوس -أقلام ) هكذا صمد الإقتصاد الألماني بوجه “كورونا” !مقال رجل الأعمال والكاتب الكويتي عـلـي عـبـاس الـنـقـي

كانت تبعات جائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) تبدو أقل سوء -في المُجمل- على إقتصاد ألمانيا الإتحادية بالمقارنة مع نظيراتها في أوروبا فقد تخطّّتها بمُرونة، وامتصّت تداعياتها بأخف الأضرار.

تكمن أسرار قُوّة الإقتصاد الألماني في مرحلة ما قبل “كورونا” بتماسُكه، وازدهاره، وتخصّصه، وتنوّعه، فلم يكن مُرتهن بقطاع واحد، فإلى جانب تقدّم القطاعات الزراعية والحرفية رسّخت ألمانيا مكانتها كإحدى أقوى البُلدان الصناعية في العالم حيث أنتجت أحدث التقنيات والإبتكارات والخدمات في القطاع الطبي وقطاعات السيارات والطائرات والإتصالات والطاقة والفضاء، بالإضافة إلى النمو المُطّرد للصناعات الدوائية والمواد الغذائية، وحقّقت نسبة إكتفاء ذاتي من السلع الأساسية فاقت 70% ، وهذا التنوع ضمن لها ما يُشبه المناعة من الأزمات والإنهيارات المتوقعة. كما نجحت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل بتحصيل وفرة مالية ضريبية شكلت إحتياطات بقيمة 130 مليار يورو.

ومنذ الوهلة الأولى لسريان الجائحة العالمية تعاملت ميركل معها بسرعة إستثنائية، وحُسن تصرف، فوضعت حُكومتها آليات منطقية لتقديم الدعم السخي للأفراد والشركات في إطار مبدأ العدالة الاجتماعية، وخصّصت حزمة مالية ضخمة (إعتماداً على الوفرة الضريبية) لتوفير السيولة، وللحد من الركود، وضخّت الإستثمارات في القطاعات الإستراتيجية، ولم تلجأ إلى الإغلاق الكامل -باستثناء قطاع السيارات- ،  وعوّضت الموظفين الألمان بِسَن قانون لصالحهم يفرض نظام الدوام الجزئي بأوقات عمل أقل مع عدم المساس بالجزء الأكبر من رواتبهم، وخفّضت ضريبة القيمة المُضافة، وشجّعت عامّة المواطنين على مواصلة الإنفاق لإحياء الحركة التجارية الداخلية، فضلاً عن إنقاذ الحكومة لشركة الطيران الوطنية “لوفتهانزا” من الأزمة!