معالي وزير الشؤون الإسلامية يُطلق حملة لمواجهة الإسراف في الولائم: “الكرم الحقيقي يجمع القلوب لا الأطباق”

العرب نيوز (الرياض – المملكة العربية السعودية ) د.دحمان الحدي.- بتوجيهٍ من معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، دعت الوزارة خطباء الجوامع في المملكة إلى تخصيص خطبة الجمعة القادمة (20 ذو الحجة 1446هـ – الموافق (18أفريل2025م)، للتحذير من ظاهرة الإسراف والتبذير في الولائم، التي تحوَّلت إلى مظاهر استعراضية تتنافى مع القيم الإسلامية، في خطوةٍ تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر التبذير وترسيخ ثقافة الاعتدال.
ستفتتح الخطبة بتذكيرٍ صارخٍ بالنصوص الشرعية التي تُحرم الإسراف، مستشهدةً بقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأعراف: 31)، وقوله: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ (الإسراء: 27)، لِتُلامس ظاهرةَ الإفراط في إعداد أصناف الطعام التي تفوق الحاجة، وتتحوَّل إلى رميٍ للفائض في النفايات.
ولتأكيد الرسالة، سيُستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ» (رواه ابن ماجه)، مُوضِّحًا أن الإسلام لا يمنع التمتُّع بالنعم، بل يرفض تحويلها إلى أداة للتباهي.
في المحور الثاني، ستُسلِّط الخطبة الضوء على العلاقة بين الإسراف وفقدان البركة، مستندةً إلى آيتين قرآنيتين: الأولى تُبرز أن الشكر سببٌ لزيادة النعم: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (إبراهيم: 7)، والثانية تُحذِّر من عاقبة الكفران عبر قصة قرية آمنة مُطمئنة انقلبت إلى جوعٍ وخوفٍ بسبب جحود أهلها (النحل: 112).
«الإسراف ليس مجرد إهدار للمال، بل هو جحودٌ بنعمة الله، يُحوِّل القلوب من الامتنان إلى الغفلة»، وفقًا لتوجيهات الوزارة.
أما المحور الثالث، فيكشف عن الآثار المُدمرة للإسراف على الأصعدة كافة:
– دينيًا: خروجٌ عن طاعة الله ورسوله.
– اقتصاديًا: إهدارٌ للموارد وتراكم الديون لتمويل ولائم تفوق القدرة المالية.
– اجتماعيًا: تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، حيث تُذكِّر الخطبة بأن «تكديس الموائد الفاخرة أمام جيرانٍ يعانون الفقر يُكسِّر قلوبهم قبل الأطباق».
في انتقادٍ لافتٍ لسلوكيات العصر الرقمي، تُحذِّر الخطبة من هوس تصوير الولائم ونشرها على منصات التواصل، حيث تحوَّلت الدعوات إلى “استوديوهات عرض” تروّج للرياء بدل الكرم. «لم يَعُد الهدف إشباع الضيوف، بل إشباع حسابات التواصل بصورٍ تخلط بين المأكولات والـ”هاشتاجات”»، كما جاء في التوجيه الوزاري، الذي وصف الممارسة بانحرافٍ عن القيم الإسلامية.
يأتي هذا التوجيه استكمالًا لمسيرةٍ قادها معالي الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، لمواجهة الآفات الاجتماعية التي تهدد النسيج الوطني، بدءًا من محاربة الغلو والتطرف، ومرورًا بمكافحة الإسراف والتبذير، وصولًا إلى ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال.
فقد أطلق معاليه سلسلة مبادراتٍ توعويةٍ خلال السنوات الماضية، جعلت من خطب الجمعة منصاتٍ فاعلةً لتصحيح المفاهيم، وتعزيز الانتماء الوطني، وحماية المجتمع من الانحرافات الفكرية والسلوكية. «الوزير يُدرك أن المواجهة الحقيقية للآفات تبدأ من ترسيخ الوعي، وبناء جيلٍ يُقدِّر النعم ولا يهدرها»، كما جاء في بيان الوزارة.
تنسجم هذه المبادرة مع أهداف رؤية 2030 الرامية إلى تعزيز الاستدامة الاقتصادية والتماسك الاجتماعي، حيث شدَّد معالي الوزير على أن «الاعتدال ليس عيبًا، بل هو ذروة الكرم الحقيقي»، داعيًا الأسر إلى إعادة تعريف مفاهيم الضيافة بعيدًا عن الماديات، والتذكير بأن «أفضل الولائم ما جمعت القلوب، لا الأطباق».