|
الخميس، الموافق ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٤ ميلاديا

العلامة د. سليم علوان : يتحدث في خطبة الجمعة ” حق المسلم على المسلم “

العرب نيوز ( سدني – بنكستاون ) ام امين عام دار الفتوى العلامة د. سليم علوان المصلين في خطبة الجمعة خُطْبَةُ الجُمُعَةِ بتاريخ 25/ 6 /2021 “حق المسلم على المسلم” إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهديهِ ونشكُرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهَ مِنْ شرورِ أنْفسِنا ومِنْ سَيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لاشريكَ له ولا مَثيلَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ له. وأشهدُ أنّ سَيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبده ورسولُهُ وصفيُّهُ وحبيبُه، مَن بعثه الله رحمةً للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرا، فصلى الله على سيدنا محمّدٍ وعلى كلِّ رسولٍ أرسلَه.
أما بعدُ عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى اللهِ العليِّ القدير، وهو القائلُ في كتابِه العزيز:” ياَ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ”.
إخوةَ الإيمان رَوى مسلمٌ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:” حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ”.
فبهذا الحديثِ علّمنا رسولُ الهدَى صلى الله عليه وسلم حقوقًا مهمةً من حقوقِ المسلمِ على أخيه المسلم، أوَّلُها بَيَّنَها عليه الصلاة والسلام بقوله إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فمِن حقِّ أخيكَ المسلمِ عليكَ أنْ تبدأَه بالسلامِ عندَ لقائِه بقولك” السلامُ عليكم ” أي يُندَبُ ذلك، لا أنه يجبُ ثم إنْ شِئتَ زِدتَ ” ورحمةُ اللهِ وبركاته ” ومعنى السلامُ عليكم أنتُم في حفظِ اللهِ أوِ السلامةُ والأمانُ ملازمانِ لكم وهو دُعاءٌ منَ المؤمنِ لأخيه المؤمن.
وأما الحقُّ الثاني منْ حقوقِ المسلمِ على المسلمِ يا إخوةَ الإيمان فهو تلبيةُ دَعوتِه إذا دعاكَ إلى وليمتِه وهو ما أشارَ إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله:” وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ”
والوليمةُ تقعُ على كُلِ دَعوةٍ تُتَّخذُ لسرورٍ حادثٍ كنكاحٍ أو غيرِها، والمؤمنُ يحبُ لأخيهِ ما يحبُّ لنفسِه ولا شكَّ أنَّ إجابةَ هذه الدَّعوةِ مما يُبَرْهِنُ على هذا الحبِ ويُنْمِيه، والأصلُ فيها قولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ” إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُم إِلى وَلِيْمَةٍ فَلْيَأْتِهَا ” رواه البخاري.
قال العلماءُ:” إذا كانتِ الوليمةُ وليمةَ عُرسٍ فالإجابةُ واجبة ” فلا يَنبغي التخلُّفُ عنها بدونِ عُذر، وأما الأكلُ منها فيُستحبُّ ولكنّه ليس واجبًا. [وقد نصَّ الفقهاءُ على أمورٍ وجعلوها أعذارًا شرعيةً تبيحُ للمسلم عدمَ الإجابة، منها أن يكونَ هناك منكرٌ من خمرٍ أو فسقٍ ومجونٍ كما هو شائعٌ في عَصرنا، نسألُ الله اللُّطفَ والعَافية. أما إذا كانتِ الوليمةُ لغيرِ العُرسِ فلا يجبُ الحضور، لكنْ إن كان في ذلك إدخالُ السُّرورِ على قلبِ أخيه المؤمنِ ففيه ثواب.]
وأما خصلةُ الخيرِ الثالثة التي ذكرها الحبيبُ صلى الله عليه وسلم في الحديث وهي الحق الثالثُ من حقوقِ المسلم على المسلم فهو قولُه عليه السلام ” وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ”. والاستنصاحُ طلبُ النَّصيحة، والنصيحةُ حيازةُ الخيرِ للمَنصوحِ له، وقد قال عليه الصلاة والسلام ” الدّينُ النَّصِيحَةُ اهـ . ونصيحةُ المسلم إرشادُه إلى مصالحهِ في أمرِ ءاخرتِه ودنياهُ وتوجيهُه إلى الخيرِ وهي معَ وجازةِ لفظِها كلمةٌ جامِعةٌ لكلِّ معاني الخيرِ والفَضيلة، وتكونُ واجبةً إذا كانتْ مُتعلِّقةً بفعلِ الواجباتِ وتركِ المحرماتِ فتكونُ من بابِ الأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكرِ الواجب. [ومندوبةً إذا كانتْ مُتعلقةً بفعلِ المندوباتِ وتركِ المكروهات. ويتأكَّدُ هذا الحقُّ ويَلزمُ إذا طلبَه المسلمُ من أخيه المسلم، لكنْ ليس كلُّ رجُلٍ يصلُحُ ليُستَنْصحَ أو يُستشارَ إنما الذي يُستعانُ برأيِه هو العاقِلُ المجرّبُ صاحِبُ الدِّينِ والتَّقوى لأنَّ الدِّينَ عماد ُكلِ صلاح.]
أما الحق الرابعُ من حقِ المسلم على المسلم فهو الواردُ في قولِه صلى الله عليه وسلم ” وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشمِّتْهُ “
والتَّشميتُ الدعاءُ له بالخيرِ والبركة. قال عليه الصلاة والسلام ” إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوْهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّه، فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللهُ فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالكُمْ” اهـ
وإذا لم يقُلِ العاطسُ الحمدُ لله فلا يُشمَّت، لما ثبتَ في الصحيحِ أن رجُلين عطَسَا عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فشمَّتَ أحدَهما ولم يُشمّتِ الآخر، فقال الرجُلُ يا رسولَ الله، شمَّتَّ هذا ولم تُشَمِّتْني، قال إنَّ هذا حَمِدَ اللهَ ولم تَحْمَدِ اللهَ ” اهـ
والحقُّ الخامس من حقوقِ المسلم على المسلم عيادتُه إذا مرض، وهو ما أشارَ إليه الحبيبُ عليه الصلاة والسلامُ بقولِه ” إِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ ” والأصلُ فيه توثيقُ عُرَى المحبةِ بينَ المسلمين، ويتأكدُ طلبُها بينَ ذَوِي القُربَى، وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعودُ مَن مرضَ مِن أصحابِه ويقولُ للمريضِ كيف تَجِدُك؟ ويدعُو اللهَ له ولا يُطيلُ الجلوسَ عنده. [فينبغِي مراعاةُ هذه الأمورِ عندَ الزّيارة وغيرِها منْ ءادابِ الزيارة كأن يتحدَّثَ إلى المريضِ بما يشرحُ صدرَه، وإذا سألَه عن مرضِه فليُهَوِّنْ عليه أمرَ المرض وأنه قريبُ الزّوالِ وأنَّ الشفاءَ منه غالِبٌ أو عامٌّ إن كان الأمرُ كذلك، وليجتنَّبْ كثرةَ الكلامِ وتهويلَ أمرِ المرض، وينبغي أنْ يَطلُبَ الزائرُ منَ المريض الدعاءَ لهُ، وحَسْبُ الزائرِ منَ الثوابِ أنَّ الملائكةَ تستغفرُ له، وأنه في رحمةِ الله حتى يرجِعَ كما ورد في الصحيح.]
أما الحقُّ السادسُ الذي ذكره النبيُّ العظيمُ صلى الله عليه وسلم فهو اتّباع جنازةِ المسلم إذا مات، فقال الصادقُ المصدوقُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ.
والمشيِّعُ للجنازةِ له من الأجرِ مثلُ جبلِ أُحُد، فقد روى البخاريُّ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:” مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ ( مِنْ الْأَجْرِ) بِقِـيْرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ جبلِ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ ” اهـ.
ويُسنُّ للرجالِ اتّباعُ الجنائزِ، ولا يُسنُّ ذلك للنساء، ويمشي ساكتًا مشغولاً بذكرِ الله مُطرِقًا مُفكرًا في رهبةِ الموتِ ومصيرِه فإنَّ المقامَ مَقامُ عِظَةٍ واعتبارٍ وأنَّ هذه هي عاقبةُ أهلِ الدُّنيا ومصيرُهم فلا يَغتَرَّ بها ( أي بالدنيا ) ولا يَرْكَنْ إليها، ولا بأسَ بقول المشيّعين ” لا إله إلا الله ” ولا عبرةَ بقولِ الذين يحرمون قولَ لا إله إلا الله عندَ اتّباع الجنائز.
فعسى أنْ نتدبرَ جميعًا هذه الحقوقَ التي علَّمنا إيَّاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى نعودَ فنشعر بأننا جسدٌ واحدٌ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الأعضاء بالسَّهر والحُمَّى.
هذا وأستغفر الله لي ولكم.

لمتابعة خطبة الجمعة انقر هنا

Translate »