علي لاغا : المصيبة الكبرى عندما يفتقد الجمهور رشدهم ويركبون زلاجة إلى الهاوية
العرب نيوز( روؤس – أقلام ) بقلم د. علي لاغا – لقد ميز علماء الاجتماع بين عقل الفرد عندما يكون لوحده وحاله عندما يسير في ركب جمهور .
إن الإنسان لوحده يفكر يقلب الأمور يقارن يرجح يتجنب سلبيات سبق أن وقع فيها ، بينما هو يفتقد كل ذلك عندما يندمج في جمهور .
إنه في المظاهرات الجماهيرية لامكان ولا قيمة لعقل الفرد بل القائد هو من يطرح الشعارات والعوام يرددونها دون تمحيصها أو التبصر بمحتواها ، وبمقدوره تغيير الهتاف إلى نقيضه ، وتجيير المظاهرة لأهداف يريدها ، وقد يعاضد القائد غرفة تحكم ( الإعلام ) ،فيتم تكوين عقل جماهيري يستجيب الفرد للإيحاءات ولو كان منفرداً أو في وسط تجمع مطلبي ، يُلاحظ ذلك في الثورات وأعمال التكسير والتخريب والهرج والمرج ، والمشاهد ليست بعيدة عن الأحياء .
إنه بالإمكان مراقبة فرد ما في حفل زفاف تراه يقوم بحركات لايمكن أن يؤديها وهو منفرد ، تجده يركب على ظهر سيارة الموكب أو يطلع من الشباك يَحْسبُه المراقب من بعيد أنه قد افتقد ذوق وأدبه ، وهذا حاصل بالفعل .
أثرُ ذلك على واقعنا :
إن رقصة الموت والجنون التي تعيشها شعوبنا ، والعالم كله ، إنما هي استجابة لغسل المخ وسحق العقل الفردي والانصياع للإشارات التي تُبث من مختبر تديره ثلة من الخبراء في علم النفس والاجتماع ممن تجردوا من إنسانيتهم.
هل بمقدور الفرد العاقل تصور مشهدٍ لجار ينقض على جاره قتلاً وتمثيلاً وتفجيراً وتوزيع المشهد على وسائل الإعلام دون حياء ولا خجل ورادع من شرعٍ وضمير ، علماً أن جيرتهم قديمة وكانوا يتبادلون الهدايا والسهرات وإغاثة أحدهما الآخر إن أصابه مكروه أو حلَّت به حاجة ؟ ، كيف يتم ذلك الإجرام استجابة لوحي من بعيد ولم يحدث بينهما أي خلاف في الجيرة والأسرة وهما يعرفان بعضهما مختلفين في الدين أو المذهب أو القومية والعرق؟ .
إنه العقل الذي اضمحل وذاب في اتجاه جمهوري دأب صانعوه جهداً ومالاً ووقتاً لتكوينه.
هذا هو واقع مجتمعنا والعالم كله ، وصاحب الحكمة والوعي تُطْمس كلماته تحت أقدام العوام ، القطعان التي تحركها شياطين أُنس يعجز أمام تدبيرهم إبليس وجنوده .
وبعد :
فهل للوعي والرشد من سبيل ؟
ذلك ممكن وسيكون لكن بعد خسائر مذهلة ، خاصة وأنهم يستمعون ممن اعتبروهم رمز الحضارة والسلم والسلام وطيف الجمال يستنفرون السلاح المدمر للكون بحجره وشجره وبشره وصفاء سمائه .
لقد آن الأوان لفك الارتباط بالعقل الجماعي المُتَحكَّم به والعودة إلى استعادة الرشد والحب والوفاء والإنسانية الرحيمة والتمتع بما أنعم الله تعالى على البشر
#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “