علي لاغا : دعوة للتوجه نحو فجر الأمن والسلام والازدهار
العرب نيوز( روؤس – أقلام ) بقلم د. علي لاغا – قبيل أذان الفجر رأى صاحبي رؤيا أنه في تجمع في طرابلس ليس فيه إلا العشرات ، ذلك الجمع يراد به تحسين وضع الناس مما يتخبط به حالهم -مظاهرة احتجاج – ، فإذا به يرفع صوته معلناً وجوب التوقف عن منازعة الحاكم ، المسؤول ، رب العمل ..فإذا بشاب أربعيني يقود عجلة أمامه لكنها فارغة مما يعرض عليها البائع المتجول ، ويطلب منه الخروج من المكان رفضاً لما جهر به ، عندها بادره صاحبي بأية صلاحية تطلب مني الخروج من المكان فأنت الوحيد المتفرد بهذا الموقف (بتصرف ) بينما الباقون لايرون رأيك فهدأ الرجل وكأنه تراجع عن رأيه .
استفاق صاحبي من نومه لكن الأفكار كانت تلح وتقطع عليه أي تفكير آخر حتى أنها كانت تنسيه ما اعتاد على قراءته في الصلاة وهو يؤم أهله فكانت زوجته تصحح له .
وهو في صلاته عادت به الذكرى إلى شتاء ١٩٨٦ م في أيامٍ باردة ومثلجة ، استدعى العميد غازي كنعان ، الذي قاد جيشاً تواكبه مروحيات قتالية باتجاه منطقة الضنية من جهتين : من قضاء عكار ومن طرابلس ، الهيئة السياسية العليا في الضنية المؤلفة من وجهاء عقلاء حكماء لاجتماع في أوتيل جزار رعد في بلدة سير .
بدأ العميد كلامه شارحاً بصيغة الأمر سبب الحملة العسكرية لمنطقة الضنية لمنع فوضى حصلت قبل أيام ( كان قد تم ترتيبها بإحكام لأن ماحدث فيها غير مألوف لطبيعة أهلها ) وكقائد عسكري أنذر وتوعد ، علماً أنه قبل أشهر شهدت مدينة طرابلس حرباً قُدر حجم الصواريخ وقذائف المدفعية وكثافة النيران على مدة شهر مايساوي قنبلة نووية من النوع الذي استعمل في الحرب العالمية الثانية ، وكان يريد موقفاً موافقاً من الأعضاء المجتمعين .
وما حدث أنه كلما تكلم أحدهم رد عليه العميد كنعان متهماً إياه بأعمالٍ من النوع الممنوع والمرفوض ( معذرة لإغفال التفاصيل ) عندها ساد جو من الحيرة ، وكان صاحبي أمين سر الهيئة لكنه أصغرهم سناً ، هذا معتبر في احترام من هم أكبر ، وبعد صمت وجد صاحبي أن المأزق خطير والتردد غير مفيد ، والبوح بما ترفضه الجماهير وسط جو من التحسر لما حدث في طرابلس لابد من الجهر به لأن المصلحة مقدمة على المفسدة ، وكان صاحبي قد أعد دراسة كلفته سنوات عما يحدث في لبنان لنيل شهادة الدكتوراه، وتوصل إلى أن هذه الحروب ليست لمصلحة المنخرطين فيها بل هي خدمة لمصالح دول مسيطرة تغزو وتؤجج الفتن بين المغلوبين لتبيع مصنوعاتها وتنهب خيرات من يقتتلون ظناً منهم أنهم يتحررون من ظلمٍ واحتلالٍ وهيمنةٍ وتخلف.
عندها نهض صاحبي وأخذ المبادرة في الكلام متوجهاً للقائد العسكري :
اسأل أمة الثقلين عني وبعدها بلٍّغ الرئيس السوري أن أهالي الضنية لايرضون ولا يقبلون أن تقول أمٌّ في سوريا أن ابنا لها قد قُتِل أو جُرِح في منطقة الضنية وأن هذا الجيش الذي وصل المنطقة سيستقبله الأهالي ضيفاً وليس عدواً يقاتلونه وأنهم ليسوا مع حروب تحقق توصية أحد قادة حروب الفرنجة ، الذي قضى في تونس ،بدفع العرب عن شاطيء البحر المتوسط إلى الصحراء ، كأنهم طارئين محتلين وليسوا أهلها الأصليين ( بتصرف).
عندها تقدم العميد كنعان من صاحبي وقبله وأعلن انتهاء الحملة العسكرية وأنه قرر عدم الحرب والمواجهة .
هكذا بكلمات مسؤولة لاتراعي مشاعر كراهية متبادلة بين الجيش السوري والأهالي بل تهدف حقن الدماء وعدم المشاركة في دورات العنف التي تسود البلاد طولاً وعَرْضاً ، وعمت الراحة والمسرة وكفى الله الناس شر القتال .
وبالفعل استقبل الأهالي جنود وضباط ذلك الجيش كضيوف أبناء ، ليس أمراً بل سجية وطبيعة أصيلة في نفوسهم.
إن هذا مادار في مخيلة صاحبي وقطع عليه خشوعه في صلاة الفجر فقرر بعد ٣٦ سنة مما حصل في أوتيل جزار رعد في سير الضنية العودة مرة أخرى للجرأة نفسها ليتخلص من المسؤولية معلناً : فتشوا أمة الثقلين إن كان مأموراً من جهة أو مديناً أو محظوظاً :
ليتوقف الصراع والنكد بين الشعب حاكماً للدولة أو مسؤولاً في مجال من إدارتها ولو رب عمل ويتغير أسلوب التعاطي بين الراعي والرعية .
قد يقول قائل : الحاكم ظالم فَيُرَدُّ عليه : امنحه الأمان لم يصل لموقعه لولا أنه مدعوم من الأكثرية.
وإن قال أَخر : أداؤه في الحكم سيء يُرَدُّ عليه : لاتُتْرك بطانة السوء تحيط به بل ليقترب الحكماء منه .
وإن قيل وقيل الجواب :
إن الشريعة الإسلامية الغراء تُحرِّم ماكان ضَرُّه أكثر من نفعه ، ونتائج كل دورات العنف والصراع مع السلطة أثبتت أن ضَرَّها أكثر من نفعها ١٠٠٠٪ وليس أقل .
كلمة أخيرة قالها صاحبي ليريح نفسه من الموجات التي تضرب دماغه وأعصابه بعد يقظته من ذلك المنام ليس خاصاً ببلد بعينه بل لكل مُضْطَرَبِ التناحر في عالمنا العربي :
اتجهوا نحو فجر صادق ، ووقف كل موجات العنف والصراع والانصراف إلى التقارب والتداول عندها يتقدم الحكماء والخبراء و تبدأ ورش البحث والتخطيط للإعمار والازدهار حتى لايبقى فقيرٌ معذبٌ ولا أرضٌ مغتصبة ولا قٌيمٌ منتهكة .
#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “