|
الأحد، الموافق ١٣ أكتوبر ٢٠٢٤ ميلاديا

حسان الحسن : النازحون إلى ديارهم… هل يصدق ميقاتي هذه المرّة؟

العرب نيوز (رؤوس – أقلام ) بقلم الزميل حسان الحسن – لم تتوقف المساعي اللبنانية غير الحكومية الرامية إلى إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، منذ نحو عقدٍ ونيّفٍ، أي منذ الأعوام الأولى للحرب الكونية على سورية، التي أدت إلى تدفق أمواج من النازحين إلى لبنان ودول “الطوق السوري” هروبًا من هذه الحرب، التي وصل لظاها مباشرةً وبقوةٍ إلى لبنان تحديدًا، لتطاول الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والإنمائية والخدماتية فيه، جراء النزوح السوري الفوضوي إلى بلد الأرز. فقد تحوّلت بعض مخيمات النازحين، خصوصًا في سلسلة الجبال الشرقية إلى مقارٍ للإرهاب الذي استهدف المحافظات اللبنانية كافةٍ واستثناءٍ. أضف إلى ذلك، استهلاك النازحين للبنى التحتية في البلد، والاستفادة من الدعم الحكومي للسلع الاستهلاكية الأساسية، كالخبز والمحروقات سابقًا، على سبيل المثال، لا الحصر. وهنا، تؤكد الجهات الرسمية اللبنانية المعنيّة بهذا الشأن، “أن كلفة النزوح تتجاوز الـ 4 مليارات دولار سنويًا في بلد يعاني أزمة اقتصاديةٍ حادةٍ وغير مسبوقةٍ في تاريخ الجمهورية اللبنانية”، وفي وقتٍ يستشري فيه الفساد لدى الجمعيات والمنظمات “الإنسانية” التي تعنى بإغاثة هؤلاء النازحين، وفقًا لتقارير ومعلوماتٍ موثقةٍ نشرت في وسائل الإعلام.

وبالعودة إلى المساعي الرامية إلى إعادة النازحين، فقد انطلقت للمرة الأولى في العام 2013، يوم طلبت الجهات اللبنانية المختصة من امين مجلس الأعلى اللبناني- السوري نصري خوري، التواصل مع الحكومة السورية، للبدء وضع تصوّر أو خطةٍ أو ورقة عملٍ من الجانبين اللبناني والسوري لإعادة النازحين، غير أن لبنان نفض يده من هذا الطلب، بعدما شكّلت دمشق لجنة للنظر في الطلب اللبناني، الذي سحبته حكومة “ميقاتي الثانية”، تحت ضغط الضغوط الدولية، بحسب ما ادعت في حينه. وتبع ذلك مبادرات حزبية للغاية عينها، كتأليف لجان في حزب الله والتيار الوطني الحر، للإسهام في إعادة النازحين، بالتعاون مع الأمن العام اللبناني. كذلك الجهود التي بذلها وزير الشؤون الاجتماعية السابق رمزي المشرفية للغاية عينها، غير أن كل هذه الجهود، لم تفلح إلا في إعادة جزءٍ يسيرٍ من النازحين الموجودين في لبنان إلى ديارهم السورية، بمتابعة مباشرةٍ من الأمن العام، وبمراقبةٍ دوليةٍ، لتأمين سلامة وصول النازحين إلى بلدهم.

أما الجديد والجدي في مقاربة ملف النزوح، فهو الدور الذي يؤديه وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين، والمساعي التي يبذلها منذ تسلمه الوزارة في أيلول من العام 2021. ولكن ما يضفي طابع الجدّية على “حركة شرف الدين” الراهنة الهادفة إلى إعادة النازحين، هو التكليف الرسمي من حكومة ميقاتي الثالثة بالتواصل مع الحكومة السورية، لتحقيق “العودة” المرتجاة، خصوصًا أن هذا التكليف، تم بعد عودة العرب إلى سورية. وهنا، يؤكد مرجع لبناني رسمي معني في شأن النزوح أن “إعادة النازحين، تحتاج إلى آليةٍ عمليةٍ محددةٍ زمنيًا، ومتفقٍ عليها بين الأطراف المعنيين بهذا الشأن، والأمر مرهون بالتطبيق”، على حد قول المرجع.

وفي السياق عينه، تؤكد مصادر سورية معارضة أن كل دول “الطوق السوري” عاجزة عن إعادة النازحين السوريين الموجودين فيها إلى ديارهم السورية، مشيرةً إلى أن شروط “العودة” غير متوافرةٍ راهنًا، كونها تتطلب تأمين مراكز إيواء لاستقبالهم، يلي ذلك إعادة إعمار بيوت النازحين المدمرة، وهذا الأمر يحتاج دعمًا ماليًا بقرارٍ سياسيٍ دوليٍ غير متوافر الآن، وهذا القرار مرتبط بالحل السياسي للأزمة السورية، وما من بشائر حل تلوح في الافق القريب، ودائمًا بحسب رأي المصادر المعارضة، التي تقول: “إن الحل هو سياسي أولًا”. وترجَح أن “حركة شرف الدين” والزيارة المرتقبة لوفد الحكومي اللبناني إلى دمشق، قد تعيد جزءًا قليلًا من النازحين، ليس إلا، تختم المصادر.

وفي السياق أيضًا، يعتبر مرجع في العلاقات الدولية، أن الأمل الوحيد في نجاح عملية إعادة النازحين من لبنان إلى سورية، هو مرتبط بمدى تجاوب الجانبين اللبناني والسوري مع المساعي السعودية الرامية إلى حل الأزمة السورية، التي تتفرع منها أزمة النزوح. غير أن المرجع لم يغوص في تفاصيل المساعي المذكورة. ويختم بالقول: “من غير المنطقي أن تدعم الرياض سلطةٍ لبنانية وقفت أو قد تقف في ضفةٍ خصوم المملكة في المنطقة”، يختم المرجع.

#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب “